الان يتراقص المركب على احد ضفاف البحر الأحمر متزامنا مع أول شعاعا صباحيا للشمس… يحمل المركب على متنه شٍباك قد احتضنت عددا كبيرا من اسماك الناجل وبعض الكابوريا والقليل من الجمبرى والاستاكوزا
بجوارهم شابا فى اخر عقده الثاني ممددا على ظهره…اسمر البشره … اجعد الشعر … مفتول العضلات
واضعا إحدى يديه أسفل رأسه فتوسدها وبيده الأخرى يسحب نفسا عميقا من سيجاره كليوبترا…
يستمع الى عبد الحليم وهو يقول فى الراديو “وان لقاكم حبيبي سلمولي عليه…… طمنوني الأسمراني عامله ايه الغربه فيه” ……
الان هو يستطيع بخبرته التقاط الإشارة الكهرومغناطيسية لقربه من الشط ببضع الكيلومترات … يردد مع عبد الحليم بصوتا هادئا قد امتزج بصوت نعومه امواج البحر التى تداعب مركبه الخشبى وبعض طيور اللقلق المهاجره وحركة بعض اسماك الناجل التى شاركته ليلته بأكملها ….
فهو الآن يشعر بسعاده عارمه ينام على مركبه الخشبى المتراقص فى البحر …يستمع الى احب الاغانى القديمه التى تشعره بوجود ابيه جواره…. ينظر يمينا فيرى غنيمته بعد ليلة من العمل الشاق المتواصل …
“ينهى سيجارته ويغفل لدقائق لقد شاهد حلما بسببه تبدلت ملامح وجهه بعد ان كانت سعيده استيقظ فقال “ اللهم اجعله خير
ومن ثم قام من منامه القصير وفتح العمود الفضي والذى يحوى بعضا من الفول بالزيت الحار والبصل الأخضر والطرشى والعيش البلدى مرددا” بسم الله الرحمن الرحيم “ وشرع فى الاكل بشهية ثم احتسي كوبا من الشاى الكشرى الغامق الحلو المذاق وهو يستمع لأم كلثوم قائله “الليل وسماه ونجومه وقمره … قمره وسهره وإنت وأنا يا حبيبى انا يا حياتى انا”..