الفصل الحادى والعشرون
مرت أياماً وليالِ…تبعتها أيام وليالِ …لم تسافر سيلين إلى فرنسا بل كانت تتردد على الشركة أحياناً كثيرة تستأذن
.بعفويتها المنطلقة الطفولية بطريقة صورية من ديفيد ( جيوفانى ) وتدخل لمكتب والدها السيد أندرو
.لم يكترث جيوفانى لها كثيراً فكانت آراؤه فى المرأة كالثوابت العلمية التي لا تحتمل الجداليات العقيمة
فالمرأة ما هى إلا زهرة ذو رائحة جذابة .. سامة تقف مكانها لا يتحرك لها ساكن ولكنها تتمايل منتعشة بالهوا لتجذب فريستها …. فتتجاهل تلك الفريسة ألوانها الجذابة . ولكنك حين تمر أمامها تتمايل مرة تلو اﻷخرى فتقرر اﻹقتراب لتمر بجوارها…… رويداً رويداً تفقد السيطرة على أعصابك فتتنفس رائحتها الهادئة تنسحب من نفسك لتنعم بعطرها الطيب ثم تغمض عينيك وتعيش أحلاماً قد رسمتها لك بسحرها فتغفو مبتسماً منتشياً برائحتها وملمسها على وجهك … و فجأة تفقد السيطرة على عضلات قلبك المفتون فتموت ولا يظل منك إلا جثة هامدة وبجوارها فتعيش هى على بقاياك فتزدهر الزهرة أكثر
. فأكثر لتغو رجالاً آخرين لتعيش هى على بقاياهم
وإستناداً لتلك الثوابت قرر جيوفانى أن يقطف هو الزهرة فيمتلكها وعندما تموت به عشقاً يرميها فلا يموت متيماً بحبها
. بل يقطفها قطفاً قبل ان يصارعه الموت كما فعلت أمه بأبيه
لم يكترث جيوفانى كثيراً لوجود سيلين حتى بدأت التدخل فى أمور الشركة كانت تتعامل بكبرياء مع الجميع وكان هو لا يأبه بذلك فهو يدرك قوته أمام ضعفها ويعرف أنها ما هى إلا زهرة متمردة ولكنه أيضاً قاطف ماهر لجميع أنواع الزهور
. فلن تستعصي عليه زهرة يوماً …. ولكنها ليست كباقى اﻷزهار إنها إبنة السيد أندرو ولى نعمته
كانت تحاول زهرتنا المتمردة المتكبرة سحب صلاحيات جيوفانى ولم يخف ذلك على جيوفانى من الوهلة اﻷولى بل
. !!رأى خطتها جيداً ولكنه تركها فهو يعلم أنه كالأسد الذى تركله هرة
. ويدرك أنها لن تستطيع أن تقف أمامه ولكنه تركها تعبث قليلاً
-97-
السيد أندرو مستلقياً على سريره متعباً لقد قرر أن يمكث فى البيت هذا اليوم لقد أفنى عمره و حياته فى العمل
.والمشاريع وقد حان الوقت أن يترك الحمل قليلاً لديفيد
ولكن هيهات فلا يمر اليوم بسلام يا سيد أندور فقد أصر ديفيد على نوال إمضاء السيد أندرو على بعض اﻷوراق الهامة التى
.لا تحتمل التأجيل فجمع جيوفانى اﻷوراق وذهب بهم إلى بيت أبوه بالتبنى السيد أندرو
.كان البيت ذو طابقين بحديقة صغيرة
دلف ديفيد إلى البيت كان على يمينه مكتب السيد أندرو كعادته جلس على كرسيه منتظراً حضور ولى نعمته إلى أن
.يأتى إلى المكتب ..ما إن جلس حتى رأى ظرفاً مفتوحاً وبداخله ورقة وبجانبه ورقة أخرى مطوية
.فتح الورقة المطوية بخارج الظرف فوجد خطاً منمقاً بيد سيلين وما أن بدأ بقراءة الورقة حتى إتسعت عيناه وإحمر وجه
…وكان فحواها
عمت مساءً يا أمى
كل اﻷشياء تسير وفقاً لخططتنا لقد ازدادت أدواري بالشركة وسوف يكون لى الكلمة اﻷخيرة قريباً ولكن هذا الديفيد يقف كالمسمار فى طريقى فلا أدري بعد كيف سأزيحه من الطريق فهو المخلص الوفى للكفيف الذي يدعى أبى …. كنتِ محقه يا أمى بشأن عودتى ﻷبى… فإن لم أرجع لكان هذا الديفيد مستحوزاً على اﻷخضر واليابس فأبى يثق به ثقة عمياء كعينيه !!!….. شكراً كل الشكر للعم تشارلز … بلغيه تحياتى … ولكنى لا أعرف ماذا أفعل حيال ذلك ؟…. لا أستطيع أن اتهمه بأى تهمة حتى أزيحه من طريقى فهومكاراً كثعلب وحويط إلى أبعد حد…. وأخشى يا أمى
.أنه لا سبيل لي إلا بزواجى منه … حتى يزيد تحكمى فى الشركة تحت مسمى الحب و الزواج
.أمى لا تنسى هدفك الرئيسى من زوجك فأنا وأنت نعلم جيداً أن الرجال لا أمان لهم
إلى اللقاء أمى
إبنتك سيلين
كان الذهول هو المحتل الرئيسى لمشاعر جيوفانى ما أن إنتهى ديفيد من قراءة الخطاب حتى فتح الورقة اﻷخرى التى بداخل الظرف
. وجدها نسخة أخرى وأكثر تفصيلاً
. فهم أن الورقة الخارجية ماهى إلا مسودة ما قبل الكتابة ليس إلا
-98-
سمع جيوفانى صوت السيد أندرو يناديه من الطابق العلوى أسرع ديفيد وأخفى الورقة بسرعة الريح فى أحد جيوبه
. صعد السلم بخطوات متثاقلة فهو لا يدرى ماذا يجب أن يفعل بتلك المسؤلية التى قد وضعت على عاتقه؟
حاول التماسك ولم يلحظ السيد أندرو إلا القليل من توتره فسأله: ديفيد بنى هل أنت بخير؟
.أجاب ديفيد بإرتباك: نعم سيدى أندرو أنا على خير ما يرام يبدو أنه القليل من أﻹرهاق
.ثم أردف بإستفهام خبيث: أين الخدم حتى يعتنون بك؟
.فى أجازة باستثناء الطباخ خرج للتسوق لتحضير وجبة الغداء للغد –
ثم سكت ديفيد لحظات مستريحاً لفكرة أنه لن يراه أحد ثم تابع لكى يرتاح قلبه : وأين اﻵنسة سيلين؟
.قالت إنها ستشترى بعض اﻷدوات المكتبية –
. أريد منك معروفاً يا أبى –
وماهو ؟-
أن لا تقول لسيلين أننى قد جئت إلى هنا فأنت تعلم هى تبكتنى كثيراً إذا قدمت لك أوراقاً للعمل فى ظل تعبك –
.. ثم أردف ديفيد بروح الفكاهة
.ولن أستفيق أبداً من التوبيخ
.ضحك السيد أندرو وقال :مؤكد…لك ما شئت أين الأوراق ﻷمضيها
مسك جيوفانى يد السيد أندرو عدًل اﻷوراق ليطلعه على مكان اﻹمضاء … فالسيد أندرو قد كان فى آخر اﻷمر يوماً مبصراً لولا زيادة نسبة السكر بالدم يوماً ما … فﻵن كل ما يحتاج إليه فقط من يدله على أول الطريق أما فهو فيحفظ الحروف
ومازال يستطيع تخيل الورقة ومازال يتذكر الحروف ويعرف مكان اﻷقلام فلماذا لا يكتب بنفسه؟فى مكتبه ؟ … فتلك
.هى واحدة من مهارات من قد سُلبت منه حاسة من حواسه
..إنتهى اﻹمضاء
إستأنف ديفيد الوقوف وأردف: أتمنى لك الصحة ودوام العافية سيدى هل تريد منى أن أحضر لك شيئاً ؟
.لكنى سأنام يا بنى فقط أغلق الباب خلفك واغلق الستائر من فضلك لأستطيع النوم-
خرج ديفيد إلى الشارع لا يدرى ماذا يفعل لقد رأى بعنيه خيانة فتاة لا تتعدى ال 24 عاماً ﻷبوها كما أنها تخطط لكل
. الرجال وليس السيد أندرو المسكين فقط
….إزداد بداخله الغضب من بنات حواء وقرر اﻹنتقام منهم جميعا فى سيلين
ولكن كيف ؟
-99-
هل سيوافقنى والدها إذا قدمت تلك الورقة اللعينة كدليل فغالباً سينكر السيد أندرو كلامى حتى لو ظهرت الحقيقة مثل الشمس في كبد السماء ففي النهاية هى إبنته التى لطالما بحث عنها ولطالما أحبها … وحتى إن قررت أن أواجهه بالحقيقة سأسلب منه حلم عمره بأن يكون بجوار إبنته الغالية سيلين ؟
ولكنى يجب أن أحميه فما العمل ؟؟