الفصل الاول
الفصل الاول
إنصهرت الشموع المشتعلة فسالت باكية كخيوط بلاستيكية سميكة على القناديل والنجاف تشتكى من هول ما شهدته
. منذ الصباح الباكر وحتى المساء
تترنح أضواء الشموع فتهتز اﻷماكن والظلال رغم السكوت طواعية لأيام سوداء يراها قصراً عريقاً لأول مرة يترنح فى تناغم معهم جسد هذا الشاب الهزيل بين أجواء القصر …. بعيناه شبه المغمضتين … حيث ظهرت بها الحُمرة …هذا الوجه
اﻷسمر الجميل تحول إلى الشحوب … فإنسيابية شعره لم تعد تشفع له ليبدو وسيماً كما كان يوماً… ليتحدث
.مظهره البائس عن يوماًمأساوياً قد مر به ..شاب فى آخر عقده الثالث
قرر الجلوس على إحدى الكراسى المبطنة والتى تكسوها أجود اﻷقمشة يمسح بسكر وإعياء قطرات الخمر الهاربة
. من فمه بظهر رسغه المتمسك بكاساً من الخمر رغم اﻹعياء الشديد
.تخرج من فمه كلماتاً هامسة بأبيات شعر هندية قد حفظها فى مراهقته
رأيتك حبيبتى ملاكآ منيرآ ……فخنتينى.. وإكتشفت أنى الملاك
.وجدتك معشوقتى مكملتى ……فتركتينى… مثلما يترك السيد اﻷملاك
تتصدر الساحة الصوتية الهامسة فجأة طرقات الباب لتقض تماماً على همسات سكره … يلتفت الشاب للباب
.يحارب سكره ليخرج الكلام مرتباّ
.!!أنطونيو : تريز إفتحِ الباب ألا تسمعى الباب يا كلبة؟
تظهر تريز مسرعة .. تمسح يدها بالمنشفة العالقة على خصرها الثمين … تريز سيدة سوداء اللون ذات الشعر
الأجعد والحركة الخفيفة … بيتها بالقرية القريبة من المدينة تقضى ساعات الليل بالقصر … وتغادر القصر مع أول
.شعاعاً للشمس
.تريز: نعم سيدى سأفتح الباب حالاً
يظهر على الباب شاب طويل القامة عريض المنكبين شعره البنى الفاتح وبشرته البيضاء وعينيه الزرقاوين يتحدثان عن
.وسامته
.. بإحترامٍ وجدية
توم : هل السيد أنطونيو بالداخل؟
.تريز: نعم… تفضل سيدى
.توم :شكراً لكِ تريز
دلف توم إلى القصر يبحث بعينيه عن أنطونيو فيرى ذراعاً تمسك كأساً من النبيذ المعتق منسدله من مسند المقعد
. اﻷحمر المبطن ذو اﻹيطار الذهبى وصوتاً ينادى
.أنطونيو : توم صديقى … تعالى أنا هنا …. أنت يا صديقى من قد تبقى لى فى عالم اﻷحياء
.أسرع توم للداخل بإتجاه الصوت
.!!!توم بهلع : يا مجنون ماذا فعلت بنفسك!!! … إذاً ما سمعته صحيح
أنطونيو يبكى وسط سكره يحاول ترتيب الجمل والحروف والكلمات بشكل يسهُل فهمه يشيح بسبابة يده التى
.. تمسك كأساً من الخمر
.أنطونيو: يا صديقى صحيح و أنا الذى تركت الملكية الهندية ﻷجلها خسرت أهلى ﻷننى أصريت على الزواج منها
!!!توم بتعجب: لا أصدق أن مارى تفعل هذا
أنطونيو: نعم .. مارى !! هذا الملاك الطاهر البرئ التى لطالما ساعدت الفقراء … رأيتها أول مرة فى إجتماع عمل بقصر أبيها كانت تركض بخفة بين صديقاتها تجمع الورود من حديقة القصر …. تزوجنا و كان صدرها هو ملجائى عندما تشتد
. !!قسوة الحياة علينا كيف تخونينى يا مارى؟ كيف هنت عليك ؟
!توم : واﻷولاد كيف حالهم الآن ؟
.أنطونيو يضحك بإستنكار: أولادى؟ !عن أى أولاداً تتحدث يا توم ؟؟ هل هم أولادى بالفعل؟ههه أشك يا عزيزى أشك
. تجرع جرعة من كأسه ومسكن آلامه
.توم :كيف تقول هذا بالطبع هم أولادك يا أنطونيو!! ….ألا ترى كيف يشبهانك؟؟ …أين هم اﻵن أجبنى؟
.أنطونيو:لقد رحلت العاهرة بجيوفانى …و أنا طردت الجد ماثيو و جيمى
.!!توم :ماذا تقول ؟! هل جننت !! أنت بالفعل قد فقدت صوابك
أنطونيو يبتسم بإستنكار وهو ينظر لكأسه : لقد بعت لنفسى أملاك السيد ماثيو بموجب التوكيل العام
. الرسمى … حتى أعوض خسارة حياتى معها
.!!توم : ماذا قلت
أنطونيو وقد إ زادت حرقة قلبه وبحة صوته : والعجيب يا صديقى أننى لم أستطع أن أداو عذاب حبى لها رغم كل تلك
..اﻷملاك فأنا مازلت أحبها يا توم.. أحببتها بصدق ولا أعرف كيف أكف عن حبى لها
..تحولت ملامح وجهه الباكية إلى زهول وعدم إستيعاب
قدمت لها حياتى ضحيت بكل شئ من أجلها!!! …حتى أبوها ماثيو قد قدر تضحيتى من أجلها وعوضنى بهذا التوكيل
.أنجبت لى أولاداً رائعين حقاً !!!! أحببتهم بصدق أعطيت كل طاقتى من أجل إنجاح هذا الزواج
.توم: هون عليك يا صديقى
.سكت أنطونيو حيناً ليتذكر ماذا حدث ثم أردف قائلاً كأنه يرى أحداث الصباح مرة أخرى أمام عينيه
أنطونيو: اليوم صباحاً دخلت إلى غرفة جيمى سحبته من فراشه بقسوة قلت له هيا أخرج من بيتى يا إبن العاهرة خذ
.. جدك معك لا أريد رؤيتكم مرة ثانية
.قال لى : أبى
.. إزدادت خنقة أنطونيو فأردف قائلاً بذهول
!!!قلت له أنت لست إبنى أخرج إبحث عن أبيك خارجاً
…قال لى سامحنى يا أبى أعدك أننى لن أكسر الزجاج مره أخرى ولكن دعنى أبقى
إبتسم أنطونيو بعدم إكتراث ثم بكى كاﻷطفال
.ولكنى جررته للخارج وأوقعت السيد ماثيو أرضاً فاقداً الوعى
توم : كيف فعلت هذا يا أنطونيو ؟ اانت مجنون ؟!كيف تفعل ذلك ؟! وأين هم الآن أجبنى؟
أنطونيو يضع رأسه بين يديه و يبكى بكاءً مراً ويصرخ: لست أدري لا أعلم يا توم ….لا أعرف أين هم ولا
. أريد أن أعرف
.يقوم الشاب من مجلسه مقاوماً تيهة عقله وترنح جسده وسرعان ما يجلس فاقداً السيطرة على قواه فيسنده صديقه