الان يتراقص المركب على احد ضفاف البحر الأحمر متزامنا مع أول شعاعا صباحيا للشمس… يحمل المركب على متنه شٍباك قد احتضنت عددا كبيرا من اسماك الناجل وبعض الكابوريا والقليل من الجمبرى والاستاكوزا
بجوارهم شابا فى اخر عقده الثاني ممددا على ظهره…اسمر البشره … اجعد الشعر … مفتول العضلات
واضعا إحدى يديه أسفل رأسه فتوسدها وبيده الأخرى يسحب نفسا عميقا من سيجاره كليوبترا…
يستمع الى عبد الحليم وهو يقول فى الراديو “وان لقاكم حبيبي سلمولي عليه…… طمنوني الأسمراني عامله ايه الغربه فيه” ……
الان هو يستطيع بخبرته التقاط الإشارة الكهرومغناطيسية لقربه من الشط ببضع الكيلومترات … يردد مع عبد الحليم بصوتا هادئا قد امتزج بصوت نعومه امواج البحر التى تداعب مركبه الخشبى وبعض طيور اللقلق المهاجره وحركة بعض اسماك الناجل التى شاركته ليلته بأكملها ….
فهو الآن يشعر بسعاده عارمه ينام على مركبه الخشبى المتراقص فى البحر …يستمع الى احب الاغانى القديمه التى تشعره بوجود ابيه جواره…. ينظر يمينا فيرى غنيمته بعد ليلة من العمل الشاق المتواصل …
“ينهى سيجارته ويغفل لدقائق لقد شاهد حلما بسببه تبدلت ملامح وجهه بعد ان كانت سعيده استيقظ فقال “ اللهم اجعله خير
ومن ثم قام من منامه القصير وفتح العمود الفضي والذى يحوى بعضا من الفول بالزيت الحار والبصل الأخضر والطرشى والعيش البلدى مرددا” بسم الله الرحمن الرحيم “ وشرع فى الاكل بشهية ثم احتسي كوبا من الشاى الكشرى الغامق الحلو المذاق وهو يستمع لأم كلثوم قائله “الليل وسماه ونجومه وقمره … قمره وسهره وإنت وأنا يا حبيبى انا يا حياتى انا”..
مثل أن اﻹرهاب لا يُمثل اﻹسلام ومثل أن الصليبيين لا يمثلون المسيحية كذلك سياسات البلاد لا
تُمثل شعوبها فوقت الحرب الكل ضحايا والأقلية دائماً هم من ينعمون بأموالاً اختلطت بدماء اﻷبرار
إن احداث تلك الرواية مئه فى المئه من خيال الكاتب
بإستثناء تلك التفاصيل السياسية والاماكن والبلاد فهى واقعية مائه بالمائة
ملحوظة الرواية منشورة الكترونياً وورقيا من دار كتبنا للنشر والتوزيع
إهدائى لك عزيزى القارئ فإقتنائك نسخه من روايتى الثانيه شرفا عظيما لا استحقه.. لذلك فشرائك لتلك النسخه هو دعم غير مسبوق لى كروائيه
أكتب روايتي وتتجسد الشخصيات التى صنعها خيالى بكلماتى … ﻷجدهم أول من قد تمردوا وثاروا على أحداثاً تمنيتها فارضين أهوائهم وطباعهم على رغباتى الهشة والسطحية
لأجد رواية أخرى.. رواية غريبة عنى!! لست على علم بها من الأصل!! … كما لو كان قد لمسني مَس ما بهم منقادة أنا خلفهم … أنقر دون إرادة مني تلك المفاتيح على جهازى الإلكترونى لأرى بالنهاية رواية مختلفة المعالم
!! عن ما أردت
فأجدني طيعة أمرهم و أشعر أنا بالذهول عندما أجدني ضيفة عليهم وكأنى لست أنا من قد هَم لاستضافتهم بقرارى كروائية
.. فأقرأ سطوراً أوجدتها أنا طواعية ﻷوامرهم بتواضع غريب!!نعم بتواضع فهم من عاشوها وقرروها
ﻷجدهم بنهاية الرواية يعرضون علىً أفكارى الباطنية و أهدافى و أعماقى و رغباتى الحقيقية العميقة فأبطال تلك الرواية يعرفونى أكثر مما أعرف أنا ذاتى و رغم أننى أنا من قد أوجدهم إلا أننى أشك إن كانوا هم فى الواقع من
!! قد أوجدني
سارة عزت عدلى
“النجاح يعتمد على التحضير فبدون التحضير سيكون الفشل مؤكد”
حكمة صينية
الفصل الأول
نسافر كلانا بآلة الزمن فنعود للقرن الثامن عشر ونقف الآن على قمة جبل أخضر بجوار كوخ السيد شانج والعائلة نرى الشمس وقد أشرقت
تتشقق خيوطها البيضاء مصطدمة بقمم جبال سماوية اللون وتكتسي تلك الدائرة الذهبية ببعض الغيوم البيضاء معلنة بدايه يوم جديد بل وحياة أخرى لنباتات قد كُتب عليها الوجود بأيدى أمهر الفلاحين الصينيين.
تفترش الشمس على سلالم خضراء جبلية أنشأها الصينيون بحرفية ودقة فيبدو الجبل كسُلم من اﻷعشاب الخضراء ومن بين تلك السلالم الخضراء تتساقط شلالات المياه لتروي كل درجة من تلك السلالم فتفيض لتسقط فتروى الطبقة السفلية … لتجد فى النهاية أنك أمام لوحة فنية ناطقة بأجمل التفاصيل التى تُسرى البهجة بالعروق فيقشعر الجسد رهبة لجمال خلاق يجبر الرائى على الابتسام وغلق الجفنين بهدوء للتنعُم بهواء بارد عليل
ينحنون جميعهم وعلى رأسهم تلك القبعات المصنوعة من نبات الخيزران( يشبه الخوص المضفر) بشكل مثلث قد انفرجت زاويته..
يمسكون بإحدى أيديهم حِزم من نبات أخضر ملفوفة بعود مرن بُنى اللون … ويغرسون بعضها باليد اﻷخرى بأرض قد امتلأت بالمياه وفاضت فتكون رُكَبهم قد غُرست أسفل الماء …يترنم بعضهم بألحان صينية هادئة ويغرسون ذلك النبات الذى سبق وتمت زراعته فى مكانا اكثر جفافا مسبقا ويدعوه المشتل
فتكتمل تلك الصورة الرائعة لمزارعي الأرز … فمن بين تلك المزارعات الجميلة شين .. فتاة لم تتعدى الخامسة والعشرون من عمرها … تشارك امها تينج غرز البراعم الصغيره فى الطين الذى اعتلاه الماء فأصبح كالبركة..
على مقربة منهم نرى شانج ذلك العجوز الأسمر النحيل الذى يحدثنا وجهه الذي قد امتلئ بخطوط رفيعة وعميقة بسكوت عن زمن قد ولى وفات بتلك الحرفة…. تمردت إحدى الشعيرات البيض والسود القليلة الطويلة على وجنتيه النحيفتان والتى ساد عليها الملمس الأملس للجلد بمنطقة الشارب والذقن ليصبح المتبقي من الصدغين أملساً تقريباً .. يرتدي تلك القبعة الخيزرانية المثلثة الشكل على رأسه ويتلفح ظهره بفرو سميك لحيوان ما قد تم اصطياده وقد فصل بشكل حرف (ال تى ) الانجليزى ليغطى ذراعيه من الخلف وظهره وصولا لاقدامه.
من الأمام يرتدى ذلك البنطال الطويل وتلك السترة المصنوعة من اﻷقمشة المرنة .. يقف على خمس عيدان سمينة وطويلة إنها عيدان نبات البامبو الطافي على سطح الماء كمركب بدائى الصنع يتوسط ذلك المركب البسيط قفة كبيرة مصنوعة من نبات الخيزران
. ويمتد أعلاها عود تميز بالطول والسماكة من نبات البامبو الطويل وقد علق عليه شبكة كشكبه كرة السلة
نرى طائر الغاق وهو يقف تارة على المركب وتارة يضعه شانج فى الماء ليأتى بالمزيد من اﻷسماك .. فطائر الغاق شبيه بالإوزة بلون البط هو صديق الصياد الصينى حيث أنه ينزل إلى الماء يصطاد السمك الكبير مبتلعاً الصغير لوجود تلك الربطة التي قد وضعها شانج بعنق طائر الغاق … فالسمك الصغير سهل البلع والسمك الكبير لن يتمكن من اﻹنزلاق بعنق قد أُحكم غلقه بتلك الربطة بذلك الحبل… وعندما يأتي طائر الغاق بغنيمته من أسفل الماء يجذبه شانج بعصاه الطويلة ويُخرِج السمك الكبير من فم الغاق
ويكافئه بأخرى صغيرة ويعيد الكرة إلى أن يحين الليل بسكونه وظلامه فيبدد شانج الظلام بشعلة نار تجذب المزيد والمزيد من الاسماك بنورها البرتقالى فيسهل الصيد بمساعدة ذلك الطائر النبيل.
أما شاو فهو اﻷخ ﻷصغر لشين يعشق ترويض الصقور حيث يذهب صيفاً بعد إنتهاء موسم حصاد اﻷرز إلى أعالى جبال مقاطعة جيلين الثلجية بشمال شرق الصين … فمنذ حكم أسرة تشينغ توارثت أجيال الصين تلك الثقافة وأصبح عم شاو يعيش مع الصقور بتلك المنطقة…. فترويض الصقور والرعاية بها يكمن فى صداقة قوية تنشاً بين الصينى والصقر فيدرب الصقر على الصيد وكانت تللك هواية شاو المفضلة بعد تقلص حدة العمل فى بلدة بانجين بمقاطعه لياونينغ بجنوب منطقةالشمال الشرقى للصين.
واﻵن وبعد يوماً طويلاً نجد شين بملابس الصين التقليدية …سروالاً زهري طويل مفتوحاً داكن اللون قد اُحكِمَ غلقه بحزام ستان زهرى فاتح اللون ذو ربطة بديعه بالظهر تجثو شين ببيتهم المتواضع المصنوع أيضا من عيدان نبات البامبو ولما لا وهو نبات قوى سريع النمو ومناسب لبناء اﻷكواخ القوية واﻷثاث بكافة أنواعه؟
البيت الصيني معماره يشبه الكوخ يتدلى أحياناً من أعلاه تلك اﻷعشاب التى تُضفى جمالاً
ساحرا للمعمار الصينى التقليدى …وجميع تلك البيوت تحوى فناءً صغيراً كان أو كبيراً أمام المنزل
تجثو اﻵن شين على وسادة أرضية وثيرة أمام تلك المنضدة القصيرة المستطيلة عليها شمعتين
. ليبددا ظلام الليل فى زمن بدائي لم يرى للكهرباء أية بوادر
فنرى ذلك الجمال الصينى الآخاذ لفتاة بيضاء بعيون مسحوبة واسعة سوداء و وجنتاها الممتلئتان و فمها السميك مبتسما تلك الابتسامة الهادئة الملائكية احتفالا بانتهاء يوما شاقا وبداية سكون الليل والراحة
شعرها الطويل اﻷسود اللون قد قرر أن يثورعلى تلك الربطة التى تضعها شين طيلة اليوم أثناء العمل بحقل الارز فينساب بنعومة على ظهر مستقيم
تنظر يمينها فتمتد يديها اليمنى من تلك اﻷكمام الواسعة فتمسك شين أكمامها بيدها اليسرى خشية من النار المشتعلة لتملأ ملعقة صغيرة مغروسة فى إناء نحاسي حوى أعطر حبات العطور فتأخذ البعض منه بتلك الملعقة الصغيرة وتضع فى المبخرة تلك الحبات على
. فحم قد سبق إعداده فيخرج ذلك الرحيق الرائع بشكل بخار الماء البرتقالى اللون كلون ضوء الشموع الذى قد بدد الظلام
تضع شين الملعقة مكانها ومن ثم تفرد راحة يديها وتقرب أصابعها ليتلاصقا وتمد يديها
للبخار المتصاعد لتزيحه بهدوء ﻷنفها فتستنشق ذلك العبير اﻵخاذ فتغمض عينيها فيظهر خطين أسودين بمكانهما و كأنهما قد نامام بسلام نشوة لتلك الرائحة الخلابة.
….شاو من العدم يأتي ويجلس مسرعاً بجوار أخته شين
.شاو شابا ًمراهقاً ناضجاً ذو فكراً راجحاً وعميق… كبريائه وذاته متضخمين إلى حد كبير
. هل إنتهت أمى من تحضير العشاء أنا أكاد أن أموت جوعاً-
.!!شين تلكم أخوها بكتفيه مداعبة إياه وهى تدّعى التذمُر : شاو لقد افزعتنى-
-لدىً سر سأبوح لكِ به-
ماذا؟-
أتعرفين ذلك المتعجرف يان؟-
. نعم أعرفه بالطبع إنسان شرير فاسق ومدلل-
. طلب أن يخوض معى سباق القوارب-
ماذا ؟-
. صه ! صوتك عالِ ستسمعك امي-
ولماذا قرر السباق معك ؟-
.لا أعلم-
-وهل تفكر فى قبول المنافسة ؟ بالفعل ؟-
! ولما لا ؟-
الويل لك إن وافقت على هذا السباق أنت تعرف أن والده كخالك.. تاجر-
. أفيون شرير
. إن وافقت أمي أن أفعل فسأفعل-
. تعلم أن أمنا لن تعارضنا بشئ وتقول النصيحة وتختفِ فجأة-
. نعم إنها أم مريحة-
. إذن قُل لها وﻷبى-
.سأقول بكل تأكيد-
..تأتِ تينج ممسكة ببعض اﻷطباق لعشاء سريع ومن ثم النوم لبداية يوماً جديداً
شين صورة من أمها تينج … ولكن الشعر اﻷبيض وبعض النمش و التجاعيد والسمنه كانوا قد أصبحوا وليف جسد تينج الكبير بالسن مؤخراً
.ويأتى اﻷب ويقول بتلقائية : عن ماذا تتحدثان
…شين : أبى يريد شاو منافسة
!!لم تُكمل شين جملتها حتى قاطعها شاو بجزم : شين
.سكتت شين أردف شاو قائلاً: أنه موضوع يخصنى وليس غيرى . وأنا من سيعرضه
.أجابت شين ببرود غير مكترث : حسناً … أعتذر.
شاو : لقد دعاني يان متحدياً أن أسابقه فى سباق الزوارق وأنا قد وافقت …ولكن يا أبى إن
. كنت تريد أن أتغيب فلك ما تطلب
شانج :أنت تعرف أنني لن أمنعك عن اﻹقدام لمنافسة كتلك … ولكنى أعرف حق المعرفة أن
والد ذلك الشاب المتعجرف هو تاجراً كبيراً للأفيون وله أتباع كُثر تحت إمرته …فأنا أرى الشر يقترب منك ولدى وأخشى عليك من هؤلاء البشر
تدخلت تينج تنظر إلى شاو متأثرة مما قد قيل
أنا أعلم أنك جيد بسباق الزوارق ليس لأنك جيد لهذا الحد فقط ولكن لأن يان أيضاً يفوز فى
تلك السباقات بالنفاق والكل يعلم هذا وأنت تعلم أنك ستفوز بذلك السباق أما أنا فى الحقيقة لست أعلم لما ستخوضه؟! … ولكن يجب أن تعلم أنت لماذا ستخوض ذلك السباق؟ … هل ترى هزيمة نكراء لك على يديه فأردت التحدى ؟ أم تريد اﻹستحواذ على ساحة إهتمام ممن حولك لأنك الفقير الذي قد تجرأت على تحديه وأنك لن تبطئ من سرعتك لتغذى غروره كالبقية؟ أم أنك ستخسر فقط لترضي غرور يان مثلهم ؟
….شاو يحاول متلعثماً أن يجد جواباً لكل تلك الأسئلة فيقول مبرراً :أنا
يقاطعه أبوه :أمك تسألك لتجيب نفسك بنفسك لا نريد أن نعرف جواباً …. فقط فكر….. وإن كنت أخشى عليك من أهدافك
.تينج : اذهب لغرفتك وفكر بنى ولك مباركتنا أياً كان قرارك . فقط افهم نفسك أولاً وافهم هدفك
.شاو: وقد شعر أن جميع أسلحة للإقناع باءت بالفشل: حسناً …. تصبحون على خير جميعاً
.شين بغضب بعد ذهاب شاو :كان يجب أن تمنعوه
.شانج : بين المشتل واﻵخر يجب ترك مسافة محسوبة يتخللها الهواء فتتنفس المشاتل يا إبنتي
شين باستفهام : ماذا تعنى والدى؟
.تينج : أباكِ يقصد يجب ترك مساحة حرية اﻹختيار ﻷخيكِ
شين وقد فهمت المغزى أكملت بثقة غاضبة: وأيضاً الزرع الضار يجب استئصاله حتى تكون المشاتل بصحة جيدة.
..تينج:لا نستطيع أن نستأصِل يان
.شين: ولكنكم تستطيعون أن تزرعوا المشاتل فى مكاناً أكثر نظافة أمى
…أشرقت الشمس مرة أخرى لتشع أملاً جديداً ملئ بالحب والسلام
وعلى فراشاً أرضياً ينام شاو… فهو شاباً وسيما ً … تسعى فتيات كثيرات ﻹرضاءه … ولكنه كان صعب المراس … بنيته القوية تضمن له الفوز بسباق أقل من العادى . إستيقظ شاو مع
.اول شعاعا للشمس قد تسلل لغرفته الصغيرة و قد داعب عينيه النائمتين على وسادته الممتلئة اﻷسطوانية الشكل
فرد شاو ذراعيه واستنشق هواءً لا يحوى بداخله إلا الثقه وقام ﻹرتداء ملابس الكيمونو
الرجاليه ثم جمع خصلات شعره المتوسط الطول بتلك القماشة المستطيلة فإشتد الشَعر للخلف ساحباً عينيه لليمين واليسار
خرج من منزله بعد أن تناول وجبة إفطار قد أعددتها شين مصحوباً بأدعية كثيرة من أمه
. لتعطيه الآلهة الحكمة والتريث
“إن إمبراطورية الصين السماوية لديها ما تحتاجه من سلع وليست فى حاجة ﻹستيراد سلع أخرى من البرابرة”
مقولة اﻹمبراطور الصينى شيان لونج عندما طلب منه الملك جورج الثالث توسيع العلاقات التجارية بين البلدين
الفصل الثانى
صباح جديد مشرق انهالت اﻷمطار طوال الفجر وحتى الصباح الباكر وقد روت قطرات اﻷمطار الوديان التى تنادى الماء منذ الموسم السابق …. وتتشعب كالشرايين لتروي سجاداً أخضر كالشلال على تلك اﻷدراج الخضراء يرى شاو ذلك المنظر التفاؤلى
. الجميل فيتحمس أخيراً لتلك المنافسة الغريبة التي يتشوق لها الجميع فالكل يعرف شموخ شاو غرور يان
المنظر بديع والسما تُبشر بقسطاً آخر من اﻷمطار والشمس لم تشرق بعد إلا بضوئها اﻷزرق
.الخافت فقط لتكشف ظلام الليل الهادئ
…..تبسم شاو واتجه مباشرة نحو الشاطئ
ليس عجباً أن تكون الصين بأحسن أحوالها اﻹقتصادية فإنجلترا هي المستورد الرئيسى من الصين … فالخير وفير من ثروة سمكية وزراعية وغيرها من الإحتياجات اﻷساسية …. وفرت الصين السلع لأنجلترا مقابل المال الكثير… حتى سالت الديون كالشلال على إنجلترا للصين … فقررت إنجلترا بيع اﻷفيون للصينيين عن طريق شركة الهند الشرقية التي سبق وزرعت اﻷفيون فى المناطق الوسطى والشمالية بالهند وتصديره للصين كوسيلة لدفع قيمة ديونهم للصين ….وكان والد يان وخال شاو أحد هؤلاء التجار الذين يتسلمون اﻷفيون من أيدى التجار اﻹنجليز فكانت تجارة مربحة لكليهما حيث تم تصدير أول شحنة كبيرة من اﻷفيون إلى الصين عام 1781م وقد لاقت تجارة اﻷفيون رواجاً كبيراً فى الصين وازداد عندها حجم التبادل التجارى بين البلدين وبدأت بشائر نجاح الخطة البريطانية فى الظهور إذ بدأ الشعب الصينى إدمان اﻷفيون! … وهذا ما دفع الإمبراطور يونغ تشينج فى عام 1829م بإصدار أول مرسوم فى العالم لتجريم استيراد المخدرات ولكن دون جدوى …وفي عام 1892م ذهب ممثل الإمبراطور إلى مركز تجارة اﻷفيون وأجبر التجار البريطانيين على تسليم مدخراتهم من اﻷفيون الذى بلغ 1000
. طن وقام بإحراقة فى إحتفالية كبيرة شهدها المناولون لهذا المخدر
ولذلك قامت حرب اﻷفيون اﻷولى عام 1840 : 1842 م… وبهذا أصبح اﻹنجليز فى علاقة مباشرة مع
.الفصيل الصينى
لم يكن جاك من مؤيدي سياسة بلدة إنجلترا كان شاباً وسيماً قوي البنية هادئ الطباع ذو مبدأ ومثل عليا … سحب والده منه كل السلطات السيادية فى إنجلترا وبدل منها تول جاك بعدها منصب عسكري صغير بالجيش الإنجليزي بعدما أعلن جاك تمرده على
. تلك السياسة
فأجبره والده على تنفيذ تلك السياسة بحكم وضعه الفعًال فى الجيش اﻹنجليزى فوجد جاك حاله مجبوراً على الوجود ببلد لطالما قد وجدها ضحية لأفكار خبيثة من مجموعة أفراد … يقال عليهم رجال السياسة الدولية … وهم بالواقع المتحكم الرئيسى مصائر الشعوب رغم قلة عددهم.
واﻵن تتلاقى النظرات فى السوق التجارى بالصين ..فجاك يراها ليست ككل النساء وهى تراه الجندى اﻹنجليزى المُحرم … رآها للمرة اﻷولى وهى تتعامل باحترام وابتسام مع جميع التجار وقد رأت طفلاً صغيراً يبكى باحثاً عن والده … تنبهت لصوت الصغير ذهبت صوبه ركعت أمامه باهتمام بالغ احتضنته وقبلته مسحت دموعه بمنديلها وقامت من سجدتها منتصبة تنظر
. يمينا ويسارا بلهفة لعلها تصل ﻷب الطفل .. لم تدرك أنه هناك من يتابع تصرفها وقد أجبرته عيناه أن تتسمر لتتابع أحداثاً نادرة الحدوث
!فالطفل من أبناء العدو اﻹنجليزى الذى يورد اﻷفيون للشعب الصينى … فكيف لها أن تساعد عدواُ ؟
..إختار جاك هذا الجندي اﻹنجليزى أن يذهب صوبها وسألها بلهجة صينية جافة
جاك :ماذا تفعلين مع هذا الطفل اﻹنجليزى؟
شين ببراءه: أعتذر … إن كنت قد تكلمت معه ولكنه المسكين يبحث عن والده فكيف لا أمد له يد العون؟
.. جاك: ولكنه إبن عدوك
شين : دعنا نعترف بمجموعة من المُسَلمات ..نحن بشر.. فى المقام الأول واﻷخير …وهذا طفل برئ لم يستبب فى الحرب القائمة بيننا وبينكم … وأنت أيضاً ووالده مهما كانت سلطته بالجيش الإنجليزي أعتقد لو خيرتم بين المجئ هنا للهو مع الموت أو النوم سالمين فى فراشكم وبلدكم ﻹختارتم اﻹختيار الثانِ بكل تأكيد.. فاﻷنسان يعشق الحياة ويمقت الموت بغريزته … ومن هنا
. دعنا نعترف أنكم ضحايا مثلنا لسياسات لم نُخلق إلا لكى ننفذها
… فنحن عبيداً للسلطة ولسنا مضحين من أجل الوطن فلا أحد يريد الموت لا أحد يريد الحرب
بُهت جاك عند سماعه تلك الكلمات شعر لوهلة أنه أمام المرآة فقال متعجباً :ألا تخشى العقاب ؟
شين: وما سبب الخوف ؟ إن كانوا أصلاً لديهم الوقت الكافِ ليسمعونى .. بالضرورة لن يجدوا الوقت لتلك الحروب فإما أن يسمعوا صوت الشعوب أو يسمعوا صوت ذواتهم….. فهم لا يسمعونى بأية حال… كما أننى لم أقل إلا مجموعة من القواعد المُسلم بها تلك القواعد المنطقية الغريزية التى يدركها هذا الطفل الصغير الممسك بيدى.
….فبكل تأكيد هذا الطفل يريد أن يرجع لإنجلترا بدلاً من التبشير هنا بالمسيحية مثلاً مع والديه
جاك بفضول باسم وسلطة رجل واثق وسيم: ما إسمك ؟
شين: لماذا تسأل؟
. بعد سكوت باسم أجاب مفكراً: أممم … لنقل أنك قد أثرتِ فضولى
شين : إذن إبحث عنه …. ثم اندفعت لتغيير مسار الحديث … هل تعرف والد الطفل ؟
.أجاب جاك: نعم
..أجابت مسرعة : معطية إياه يد الصبى :إذن إعتنِ به من فضلك …سأذهب بسلام
!! جاك مفكراً …سلام؟!!! أي سلام هذا لقد قلبتِ حياتى رأساً على عقب أيتها الفتاة
تركته و لوهلة تذكر ما غاب عن ذهنه تذكر أنه جندى إنجليزى وتذكر أنه يخوض حرب لم يؤمن بها يوماً تذكر خلافه مع والده أحد صناع قرار الحرب على الصين .. والذي أجبره على خوض تلك الحرب اللعينة تذكر كيف قرر فى قرارة نفسه أنه لن يطلق طلقة
واحدة على أحد من شعب الصين إلا لكي يحذره من طلقة خبيثة آتيه من اهل بلدته المجبورين على قتل الصينيين الذين لا حول لهم ولا قوة.
… غاب عن العالم للحظات ولم يتذكر إلا اللغة الصينية حتى يجد جسراً للتواصل مع من داعبت عينيه بالرقى واﻷنوثة مع من تلاقت مع أفكاره اﻹنسانية المتحررة…. لم يتذكر سوى قوتها الناعمة …فجأة أدرك مكانه…
.. فتعاطفت معه ذاكرته فتيقظ لهويته … فلوهلة قد توحد هذا اﻹنجليزى مع تلك الصينية.
الحب …. هل الحب سبباً ومبرراً كاف لتصرفاتنا أم نتيجة لها ؟ أعتقد أن الحب إن كان سببا ﻷفعالنا أصبح طفلاً مدلل ينقصه النضوج والقوة والثبات …. بعكس إن كان نتيجة …. فإن كان الحب وليد اﻹهتمام واﻹحترام و الثقة كان
…طفلاً بريئاً قوى الشخصية ..يعتمد عليه بأصعب اﻷوقات
ليكن الحب حقيقياً يجب أن يكون نتيجة لتلك الدعائم الثلاث اﻹهتمام واﻹحترام والثقة ….. وشين قد وجد بها جاك كل تلك الدعائم إنها تحترم اﻹنسانية وتهتم بها بثقة كافية حتى ولو كان اهتمامها غير مبرراً بل ومحل إتهام فتلك الشخصية هى التى لا تًترك فهى ستنمى أسرة يملؤها حباً صلب كالجبل أمام الشدائد بثقتها واحترامها
….. ناعماً كالرمال الدافئة وقت السلام بإهتمامها وحنانها
“إن حكمت نفسك تستطيع أن تحكم العالم”
مثل صينى
الفصل الثالث
.وصل شاو للشاطئ … فهمس يان إلى صديقته شير
يان : أليس هذا الشاب الذى قد طلبتِ منى منافسته و إدعيتى أن الفوز سيكون حليفه بالتأكيد ؟
. شير ببرود وحقد : نعم هو… فهو متغطرس جداً يتمنع عن النساء كما لو كان إمبراطوراً ما من رواية أسطورية
…يان وقد أدرك أن شير أرادت له السباق مع رجلاً قد رفضها
يان: أتعرض لكِ ذلك المُعدم؟
شير بدلال وقد أدركت أن نواياها قد كُشِفت : أردت فقط أن تكسرة أمام الجميع ليتعرف على
.خطوطه الحمراء التى لا يجب تعديها
….يان وقد أخذته الجلالة قال بصوتاً جهورى
.يان : إسمعوا يا قوم … من سيفوز بذلك السباق سيلطم منافسه ويتفل عليه
.هاجت الشهقات وتقاطعت من تلك ومن ذاك . أما شاو فظل صامتاً ابتسم ابتسامة الواثق المُفكر ليعيد حساباته
.رجع يان إلى شير وقال : أهدى لكِ فوزى حبيبتى
خلع شاو ملابسه ذلك السروال السميك فبرزت عضلات ذراعيه وجسده من أسفل تلك الطبقة
. الرقيقة من اقمشة بيضاء خفيفة شبه الشفافة
نظرت الفتيات المدللات عليه بإمعان … ونظر الشباب الثرى اليه بحقد …فقوة عضلاته نابعة
. من عمل جاد ليلاً ونهاراً وليست سباقات روتينية أقل ما توصف به أنها سباقات هشة سطحية
..خلع يان ثيابه فظهر بياض جسمه الذي اعتلاه الحمرة بعضلاته الواهية وجسمه الصغير فازدادت غيرته
… يان بنبرة يتمنى أن تبدو واثقة لسامعيها : أنصحك بالتراجع فالسباق قد حُسم قبل بدايته
شاو بثقه:بالطبع حُسم لصالحى …. فأنا لست واحداً من العاملين لديك ﻷجاملك وأهديك الفوز
… طواعية مثلهم وتذكر… أنك أنت من طلبت التحدى فلا تندم عندما أصفعك.
تصاعدت شهقات الفتيات عند سماع تلك التصريحات فمن ذاك الذي تجرأ وتعدى خطوطه الحمراء؟
…بدأ السباق
دخل كل منهم زورقه …. دخل يان زورقه المًجهز بأرقى التجهيزات ودخل شاو زورقه
.المتواضع الذى قد انهك فى كسب الرزق بحرفة الصيد كوالده
…دق الناقوس النحاسى لبداية السباق إستعد كل منهم وانطلقا
…يجلس شاو ببرود فى مركبه المتهالك
….يحاول يان بكل جهده الفوز بالسباق يجدف شاو بكل ثقه ويجدف يان بكل قوة
يقفن على رمال الشاطئ الفتيات والفتيان ينظرون بتأهب
… على الفائز فى تلك المسابقة الفريدة ففى هذا السباق يتنافس التكبر مع الكرامه
تجلس سيلين على مقعدها كالعادة فى غرفتها بجوار الشرفة تقرأ كتابأً قد وجدته بزنزانتها … دلف ديفيد إلى بيته بعد يوم
.عمل مرهق وطويل وصل إلى غرفتها والشر من عينيه يتطاير كالخفاش فى عتمة الليل
دلف غرفتها بدون سابق إنذار فإعتدلت سيلين فى جلستها المستخرية بفزع فعينيه لا تنبئ بالخير أبداً
إقترب من كرسيها وضع يديه على مساند الكرسى الذى قد تبقى لها فى هذا المنزل ليتحويها …. فإنحنى ببطئ
. وثبات إلى أن إقترب أنفه من أنفاسها وقال بعين صارمة وكلمات هامسة
جيوفانى: ما تفسيرك لما حدث اليوم فى الشركه يا زوجتى العزيزة ؟؟
نظرت له بعين قد إقتحمهما الرعب و تراجعت فجأة لتنعم بحنان كرسيها فتتهرب من قسوة ملامح قد حفظتها عن
.ظهر قلب ونظرت بتعجب حذر وخائف
سيلين:ماذا قد حدث يا ديفيد؟؟
صرخ بوجهها والشر يتطاير أكثر وأكثر تلك المرة لتندفع خصلات شعره السوداء على جبينه اﻷسمر المتعرق : أنا من
… يسأل هنا … أجيبينى
إنتفضت مذعورة وضعت يديها علىوجنتيها اللتان قد إعترتهن حمرة الخوف فنظرت بعيون باكية إلى اﻷسفل ….
وقالت ببراءة حقيقية دامعة :بالحقيقه لا أعرف عما تتحدث؟
زم شفتيه و قال جيوفانى: أمم: لا تعرفى …. سأقول لكِ إذن عزيزتى… ثم مسك إحدى زراعيها بقوة : …. رأيتك اليوم
تضحكين وتتسامرين مع مارك فى المكتب …هل تلك صداقه بريئة أم تودى لو كان هو زوجك؟.
ذهلت سيلين هل بالفعل يغار عليها ؟
فسكتت
-110-
فأردف قائلاً : من اﻵن فصاعداً لتكن أحاديثك ما قل ودل وإلا فسأحرمك من العمل و لن ترى يوماً جيداً فى حياتك … ثم
أردف بصوت صارخ: أسمعتى ؟
.إهتزت ر أسها باﻹيجاب وأعلنت الموافقه الخائفة
تركها جيوفانى وهى لا تدرك ماذا قد حدث للتو هل بالفعل يغار عليها أم يخشى خسارة مظهره اﻹجتماعى فهى لا تعلم بتفاصيل الجرح لا تدرى شيئاً عن تفاصيل مشاعره ؟
دلف جيوفانى غرفته: مازال قلبه ينبض بنفوان … قلبه قد أصبح ككتلة حديدية وأصبح صدره كقطعة القماش الهشة فشعر
. أن قلبة القوى يقتحم هذا الصدر الرقيق ليعلن ثورته على أحداث جارية
وسأل قلبه: لماذا أراك ثائراً أيها القلب ؟؟ هل أحببتها ؟ أجاب قلبه:لا لم أحبها قط بل أخشى أن تتكرر مأساة أنطونيو أنا
أنطونيو آخر وأعلم أنها مارى أخرى … تلك هى الحقيقة … هذه حقيقة مشاعرى …. أخشى الخيانة فهى أيسر شئ
.يقوم به النساء
.الخيانه تسرى فى عروقهن والحب لامكان له فى دنيانا بسبب اﻷنثى
مرت شهور على هذا المنوال كل منهم يعيش ببوتقته فى غرفته كل منهم لا يرى اﻵخر إلا أثناء العمل فقط أما البيت ما
…ماهو إلا فندقاً عاماً يتقابلا به صدفة وتتهرب العيون من التلاقى
فى العمل دائماً ما يجد جيوفانى عينيه تبحث عن سيلين هل سأراها اليوم ؟؟؟ هل سألمحها ولو لثوانٍ معدودة ؟؟
…فقط لثوانٍ ها هى سيلين
ها هى بالداخل مع أبيها فرصتى ﻷدخل اﻵن ﻷرى وجهها هذا اليوم .إشتقت لرائحة عطرها هل سأراها اليوم ؟؟؟ ولكن
…..عندما ترانى هى بدورها أتجنب عينها هرباً منها
.وتتهرب هى بعينيها بعيداً عنى بدورها أيضاً.
.بينما كانت سيلين مسترخية على أريكة غرفتها تقرأ كتاباً لتؤنس وحدتها
…قرر جيوفانى يوماً أن يطرق بابهاا فقط لتجاذب أطراف الحديث
نظر فى مرآة غرفته ساوى شعره اﻹسود الناعم وإقترب بوجهه الوسيم فى المرآه وقال: ولما لا أذهب سأكلمها سأشكرها
. على وجبتى الغداء والعشاء كل يوم ولمدة كبيرة وأنا لم أشكرها أبداً نعم فهذا كل شئ فالشكر واجب
-111-
توجه بخطوات واثقة إلى باب غرفته فتح بابه وتوجه إلى غرفتها وضع يده على بابها شرع فى قرع بابها ولكنه تراجع إلى غرفته مسرعأ عندما أدرك أن ما يشعر به ما هو إلا نزوة من نزواته وماهى سيلين إلا إمرأة شأنها شأن سيدات
. العالم فيجب أن يقاوم رحيقها وإلا تركته قتيلاً
كانت ذاكرته كالملك الدكتاتورى تلك النظرة التى أخذتها خلثه لترانى اليوم بالمكتب وعندما نظرت لها إنهمكت
. مسرعة لتنظر ﻷوراق قد غطت يديها
تسائل جيوفانى: يا ترى أخذتُ وقتاً من تفكيرها ؟؟ هل تكرهنى ؟؟وكيف لا تكرهنى بعد كل ما فعلت بها ؟
….مضت الليلة تلو اﻷخرى تشرق الشمس وتغيب ومازال القلبان يتسألان
…إلى أن جاء يوماً لم يكن فى الحسبان
لم يستطع بطلنا أن يواصل عمله بدون أن تمر الثوان بالتفكير بها لقد تمكنت منه … فهو لا يدرى ماهو شعوره الحقيقى
.لقد تزوجها فقط ليحمى ولى نعمته وأبوه الروحى من إبنته المتمردة
…تزوجها فقط ليضمن سلامة السيد أندرو
واﻵن هو يريد أن يبقى بجانبها!! فلا يدرى إن كان هذا حباً حقيقياً أم شهوة عارمة لشريكتة فى فندق؟
!!! كان يخشى أن تموت الزهرة هذه المرة ليس خوفاً عليها وإنما خوفاً عليه
أوليس هذا هو الحب ؟؟ عندما تخشى مشاعراً سلبية قد تمكنت مِن من تحب؟
فقرر اﻹبتعاد ولكنه أراد اﻹقتراب فما هذا التناقض ؟!!! فى النهاية قرر قرع باب مكتبها ولكن أوقفه صوتها الضاحك يتكلم
…فى هاتف الشركة سمع الحوار وتمنى لو لم يسمعه البته
.سيلين : نعم حبيبى بالطبع
سآتى فى أية ساعة ستكون متاحاً فيها فهذه اﻷيام لا أحصل عليك إلّا بالمناسبات فأنا لا أراك إلا وقت العمل ولا أجد
.الوقت الكاف لأجلس معك
ثم ضحكت ضحكة هادئة وقالت بجدية مصطنعة … نعم سييدى سآتى إلى المكان المعتاد فى تمام الساعه
بوست طويل لو مافيش مزاج تقراه افكسله من شويه وقت عدو كنت بتمشى فى جنينه لفت نظرى المنظر اللى فى الصوره ده ..كرسى حديد وباين عليه انه قديم حاضنااه جزع شجره لدرجه ان الكرسى الحديد طلع من الارض اللى محفور فيها ورجع لورا لو عملت زوم فى الصوره هتشوف ازاى الشجره حركت الكرسى الحديد اللى ثابت فى الارض …. وقتها فكرت مين فيهم طلع اقوى واصلب وكان المشهد اللى قدامى بيجاوبنى …. فكرت … وسالت نفسى ازاى الشجره الخشب طوعت الكرسى الحديد! … وكانت اول اجابه تيجى فى دماغى ان الحياه غلبت الجماد وقويت عليه …. طبقت الكلام ده على نقط الميه اللى بتحفر فى الصخره ولقيت برضو نفس الاسئله ونفس الاجوبه ..وقتها وصلت لحاجه مهمه اوى احيانا بنقابل ناس جامده فى مشاعرها قاسيه زى الحديد والصخره الناس دول ممكن يكونوا اخ، اب ام ،زوج ،زوجه، اخت او ابناء او غيرهم … القسوه دى تتعالج بحاجات كتيره بس فيه حاجه واحده بس ناس كتير وانا اولهم مش مجرباها وهى اننا عمرنا ما جربنا نبطل نفكر فى قسوتهم بينما ان كل اللى علينا اننا نسيب الحياه تجرى فى دمنا … بطلنا نغنى ونحب ونستمتع بالشمس وبالبحر بالسمك بيعوم فى الميه بطلنا نغمض عنيناو نستمتع بريحه الورد بطلنا نجمع قواقع من الشط او نشوف العصفور مش واخدين بالنا ان التفاصيل دى هتخلق جوانا حياااااه هتخلق حب وقوه تحمل هتخلق متعه تخش جوانا وتفيض على القساوه زى ما الشجره دى عملت بالظبط مع الكرسى الحديد …. جايز تقولولى انتى ساذجه وطيبه وهبله بس تخيلوا معايا لو كانوا اتنين واقفين مكانى من 30سنه فاتت مثلا وقت لما الشجره دى كانت برعم صغير فى الارض وجنبها الكرسى الحديد الثابت ده ياترى لو حد فيهم كان قال للتانى الشجره دى هتكبر وهتحضن الكرسى الحديد وتحركه من مكانه يا ترى كان هيصدق .؟ اكيد لا وانا اكيد ماكنتش هصدق غير لما شوفت بعينى. … … انا مؤمنه جدا بفكره ان المحبه اقوى من اى قسوه مهما كانت… بس مفتاح الانتصار هو الصبر وطول الاناه والاصرار على امتصاص طاقه الحياه من قلب الحياه علشان نعيش الحياه …
مر الليل بسواده على الزهرة المقطوفة … ففتحت عينها قامت من فراشها الجديد ونظرت فى مرآتها الجديدة فرأت
. وجهاً يعتليه سواد كُحل العيون
فقد ارتسمت جفونها بلون الفحم وعروق من السواد تنسدل على وجهها اﻷبيض … .وأحمر شفاه صارخ الحمار يملأ
شفتيها لينتشر بعشوائية كالشعب الذى قرر العصيان على قوانين المملكة ليصل إلى اﻷنف والذقن ليصبح وجهها
.لوحة فنية قبيحة لم يرسمها إلا فناناً غاضباً
الطرحة التى كانت منمقة بالأمس منسدلة اﻵن ببشاعة بجانب وجهها لتخفى جزءً من لوحة قرر صاحبها إخفاء معالمها
..رأفة بالزوار …لتسحب معها شعرها الذى ظهر كقنفذ
. كانت بالأمس أنثى تتزين بأبهى الزينات واﻵن ما هى إلا مسخ يرتدي البياض او بالاحرى ميت يرتدى الكفن كثوب ابدى
هرعت سيلين إلى مرحاض غرفتها خلعت ثيابها البيضاء وتركت المياه تنسدل على جسدها لتغتسل من زينتها
.. التى شوهت جمالها ليلة عرسها
خرجت سيلين من غرفتها مسرعة إلى باب زنزانتها حاولت فتحه مرة تلو الأخرى فسمعت خلفها صوت مفاتيح فبرقت
.عينها وأيقنت أنها مفاتيح .زنزانتها بيد سجانها
…فتحلت بالشجاعة والتفتت للخلف
قالت وهي تذهب فى اتجاه عدوها المستمتع بالفطور على مائدته الصباحية..يأكل ببرود و بلا حراك
و بصوت مبحوح وعينين يملأها الشرار : لماذا ؟
. فرفع ديفيد الخطاب المكتوب بخط يدها لوجهها وهو ينظر إلى الطعام الفطور وقال بهدوء : بسبب هذا
… ثم رفع عينيه إليها فجأة ليرى هول المفاجئة فى عينها ثم أردف
هل كنتِ تعتقدين أننى قد فعلت هذا ﻷستحوز على أموال والدك ؟-
-106-
لا يا زوجتي العزيزة لقد تزوجتك حتى أحمى ولى نعمتى من أمثالك لقد قرأت خطابك فإتضحت لي خطتكم الدنيئة هل تظنى انى كنت سأقول للسيد أندرو عن خطتكم ؟؟ كيف أكسر بخاطره وهو الذى كان ينتظر رؤياك سنين هذا عددها كيف
.سأواجه محبة جمة قد وضعها فى قلبه لكِ ولأمك بحقيقة جافة كتلك
..ثم وقف أمامها ….وفتح زراعيه القويتين وأردف قائلاً
أنظري …. أنظري إلىّ جيداً يا زوجتى العزيزة أننى لست إبنه ولست من دمه ولا من لحمه ولكن انظري إلي جيداً من ترى أمامك ؟؟
سكتت …. مذهولة
ثم أردف :سأقول لكِ أنا بشر أنا إنسان عاش فى حماية هذا الرجل سنيناً طويلة لست من دمه ولحمه ولكنى بشر …أشعر
.بما يشعر حتى أننى قد عانيت ما قد عانى في بناء صرح كبير كشركته تلك)
ولكنك لن تتعرف على بشريتى ﻷنك ترينني من خلالك…. ترينى من خلال اﻷفعى أمك… ترينى من خلال
!!! الثعلب تشارلز الذى يتمنى أن يحطم السيد أندرو ومن خلال من ؟؟؟ من خلال إبنته وزوجته السابقة
ثم أمسكها من إحدى ذراعيها بقوة ويده اﻷخرى تمسك بالخطاب
قولي لى من أنتن يا معشر النساء ؟ هل أتيتن من كوكب آخر لا مشاعر فيه ولا إحساس ؟!هل أنتن بشر مثلنا أم مصاص دماء ؟
أنتن يا بنات حواء من جنس غير جنسنا يجرى الغدر فى عروقكن بدل الدماء قلوبكن باردة ولا إحساس فيها
. دموعكن دموع تماسيح
… أفلت ذراعها بقوة ورجع فجلس على المائدة وأكمل قائلاً
هذا الخطاب يا زوجتى المصونه بحوزتي إذا تفوهت بكلمة عما حدث ﻷى مخلوق أياً كان سيكون هذا –
. الخطاب على مكتب والدك أو مكتب تشارلز الذى إنا علم سيكون رد فعله غير محمودة العواقب أبداً
ابتسمت سيلين بإستهزاء وقالت:وكيف سيعرف والدى أنه خطى؟؟
ابتسم بدوره بإستهزاء وأردف جيوفانى قائلاً: لقد زينتى ورقة أخرى بيديك الجميلتين عندما طلبت منك تقرير عن مبيعات اﻷسماك فى الشهر السابق يا حلوتى … وإذا أخذ والدك الورقتين لأى مكان عام وسأل أى من الباعة الجائلين عن التشابه..
.وطلب منهم قراءة كلا الورقتين سيعرف .الحقيقة بكل تأكيد يا عزيزتى فالتشابه واضح جداً
-107-
.. ليس هناك دليل انهم بخطى –
–زوجتى الغالية اجتماع طارئ للعاملين بالشركة وإستفتاء بسيط للرأي سيعرف أنه خطك …. فالشركة كلها قد –
…. تعرفت على خطك الرائع والخلاب خلال الستة أشهر الماضية ..وقتها ستخرجين بفضيحة من شركة أبيك
.إنطلق الغضب من شفتيها .علمت أنها قد دخلت هذا السجن لا محالة
…وصاحت ضحكاته المثيرة للغضب بينما تصيح هى غاضبه لقد إنتهت لعبتها وبدأت لعبته
فصاح بصوته الضاحك:يا زوجتى ألن تأكلى فطورك….. اعلمى عزيزتى عملك سيكون منذ اليوم نصف يوماً بالشركة
أريد أن أرجع من عملي أجد زوجتي بانتظاري وبيتي نظيف ومرتب وطعامى على المنضدة آه صحيح تلك هى
. المرة الأخيرة التى أعد بها طعام الفطور
.فصفع باباها في مسمعه فقال بإنتصار ضاحك: أحلامأً سعيده يا حلوتى .. واستأنف فطوره بقلباً منتصراً باسماً
أخذ جيوفانى يفكر فى خطة ليحمى السيد أندرو وجد الخطة كمن يجد خريطة كنز درس الخريطة ليبدأ فى رحله
. التطبيق فيصل لمبتغاه
…!!اتخذ قراره الذى لطالما كان يكره أن يقع فيه …. ولكنه كان قراره النهائى وهو الزواج من سيلين
كان يدرك ديفيد أن سيلين ستسعى قريباً لتلك الحيلة عندما تتأكد أنه لا سبيل آخر لها و بهذا تعتقد سيلين أنه سيكون قد
..!!وقع في فخها دون أن تدرى ولا تعلم المكسينه أنها هى من قد وقعت فى الفخ
لم يمر وقتاً كبيراً حتى أصبحت كل اﻷحداث تحت سيطرة جيوفانى وكان المُنفذ لكل اﻷحداث سيلين نفسها فهو لم يتغير
… فى المعاملة وها هى أيضاً تعامله بنفس التكبر وها قد بدأت مؤخراً بالقليل من الدلال
..حينها علم جيوفانى أنها قد بدأت ختطها ﻹستمالة قلبه بدأ هو بالتالى فى خطته ليوهمها بإستسلامه لرحيقها
كانت تتوهم الزهرة أن فريستها تشتم رحيقها ولا تعلم أن فريستها تلك المرة ثعباناً يلتف حول الفريسة ويضيق الخنق عليها ثم يقبلها بلدغته السامة والمميتة … نعم فما المختلف بتلك الزهرة ؟ بعض رحيق الكبرياء ؟؟؟ سيختفي قريباً على يدى
. لن اكون أبداً الفريسة يا سيلين ولن يكون السيد أندور ضحية لكِ أو ﻷمك
!هل تريدون أن تأخذوا أمواله وتعب عمره ثم تتركوه وحيداً ؟
زادت تلميحات ودلال الزهرة أدرك جيوفانى أن الخطة على أعتاب التنفيذ فقام بخطوته والتف الثعبان حول الزهرة .وطلب يدها من أبيها السيد أندرو واستقرت الزهرة بثنايا جسد الثعبان متوهمة بأنه قد فقد عقله برحيقها وملمسها ولم تكن الزهرة اللئيمة إلا فريسة لبراثن وحش ومعتقده أن تلامس جسده بها استسلام واحتواء وكان فى واقع اﻷمر
. !استعداد للإلتهام
فاﻵن مازالت الزهرة تتمايل بدلال على سيمفونيات العزف ﻷشهر الموسيقيين متمتعة برونقها وجمالها فى حفل الزفاف
بالثوب اﻷبيض ولا تدرك أن الكفن يختار أيضاً للون اﻷبيض ليلتف به ….ها هى تتراقص الفريسة باﻷبيض للوحش
!!إحتفالا بالتهامها
….كان زفافاً رائعاً كان حديث المدينة من مشارقها إلى مغاربها كانت الفريسة فى أبهى صوره لها
-102-
….دلف الزوجين إلى بيتهم السعيد
…!!وما أن أغلق الباب حتى أدركت العروس أنها زهرة قد ماتت بالفعل
وقف ديفيد ينظر عروسه بنظرات طويلة باردة من أسفل وإلى أعلى
.. دلف غرفته وأغلق بابه عليه وبدأ خلع ثيابه بهدوء
وقفت سيلين مذهولة مما يحدث فما هذا التغيير المفاجئ ؟
…ولكنها تصنعت البراءة واﻹبتسامة الطفولية كعادتها وذهبت تطرق الباب
. ديفيد: تفضل
فتحت سيلين الباب بخفة
ووقفت صامتة فرأت زوجها ممداً على الفراش مشبكاً يديه و واضعاً إياهم خلف رأسه فبرزت عضلاته القوية حول
.. وجهه الأسمر فأربكتها وسامته
فقال بإبتسامة متحدية: سيدتى…. ها أنتِ ذا
هل تريد سيدتى شئ؟؟
….وقفت وتلك المرة لم تستطع إخفاء استفهامها من عينها
أردف ببرود قائلاً : زوجتى زوجتى زوجتى لا تفزعى فهذا ببساطة أنا ….هل رأيتِ من قبل زوج يدعى على زوجته الجميلة ما ليس به ؟
..فأنا ببساطة أكره النساء
وانتِ ِأنثى لذلك فأنا لا أحبِك … ثم إعتدل ليجلس على الفراش كأنه يشرع في القيام ثم أردف ببساطة وابتسامة
مرت أياماً وليالِ…تبعتها أيام وليالِ …لم تسافر سيلين إلى فرنسا بل كانت تتردد على الشركة أحياناً كثيرة تستأذن
.بعفويتها المنطلقة الطفولية بطريقة صورية من ديفيد ( جيوفانى ) وتدخل لمكتب والدها السيد أندرو
.لم يكترث جيوفانى لها كثيراً فكانت آراؤه فى المرأة كالثوابت العلمية التي لا تحتمل الجداليات العقيمة
فالمرأة ما هى إلا زهرة ذو رائحة جذابة .. سامة تقف مكانها لا يتحرك لها ساكن ولكنها تتمايل منتعشة بالهوا لتجذب فريستها …. فتتجاهل تلك الفريسة ألوانها الجذابة . ولكنك حين تمر أمامها تتمايل مرة تلو اﻷخرى فتقرر اﻹقتراب لتمر بجوارها…… رويداً رويداً تفقد السيطرة على أعصابك فتتنفس رائحتها الهادئة تنسحب من نفسك لتنعم بعطرها الطيب ثم تغمض عينيك وتعيش أحلاماً قد رسمتها لك بسحرها فتغفو مبتسماً منتشياً برائحتها وملمسها على وجهك … و فجأة تفقد السيطرة على عضلات قلبك المفتون فتموت ولا يظل منك إلا جثة هامدة وبجوارها فتعيش هى على بقاياك فتزدهر الزهرة أكثر
. فأكثر لتغو رجالاً آخرين لتعيش هى على بقاياهم
وإستناداً لتلك الثوابت قرر جيوفانى أن يقطف هو الزهرة فيمتلكها وعندما تموت به عشقاً يرميها فلا يموت متيماً بحبها
. بل يقطفها قطفاً قبل ان يصارعه الموت كما فعلت أمه بأبيه
لم يكترث جيوفانى كثيراً لوجود سيلين حتى بدأت التدخل فى أمور الشركة كانت تتعامل بكبرياء مع الجميع وكان هو لا يأبه بذلك فهو يدرك قوته أمام ضعفها ويعرف أنها ما هى إلا زهرة متمردة ولكنه أيضاً قاطف ماهر لجميع أنواع الزهور
. فلن تستعصي عليه زهرة يوماً …. ولكنها ليست كباقى اﻷزهار إنها إبنة السيد أندرو ولى نعمته
كانت تحاول زهرتنا المتمردة المتكبرة سحب صلاحيات جيوفانى ولم يخف ذلك على جيوفانى من الوهلة اﻷولى بل
. !!رأى خطتها جيداً ولكنه تركها فهو يعلم أنه كالأسد الذى تركله هرة
. ويدرك أنها لن تستطيع أن تقف أمامه ولكنه تركها تعبث قليلاً
-97-
السيد أندرو مستلقياً على سريره متعباً لقد قرر أن يمكث فى البيت هذا اليوم لقد أفنى عمره و حياته فى العمل
.والمشاريع وقد حان الوقت أن يترك الحمل قليلاً لديفيد
ولكن هيهات فلا يمر اليوم بسلام يا سيد أندور فقد أصر ديفيد على نوال إمضاء السيد أندرو على بعض اﻷوراق الهامة التى
.لا تحتمل التأجيل فجمع جيوفانى اﻷوراق وذهب بهم إلى بيت أبوه بالتبنى السيد أندرو
.كان البيت ذو طابقين بحديقة صغيرة
دلف ديفيد إلى البيت كان على يمينه مكتب السيد أندرو كعادته جلس على كرسيه منتظراً حضور ولى نعمته إلى أن
.يأتى إلى المكتب ..ما إن جلس حتى رأى ظرفاً مفتوحاً وبداخله ورقة وبجانبه ورقة أخرى مطوية
.فتح الورقة المطوية بخارج الظرف فوجد خطاً منمقاً بيد سيلين وما أن بدأ بقراءة الورقة حتى إتسعت عيناه وإحمر وجه
…وكان فحواها
عمت مساءً يا أمى
كل اﻷشياء تسير وفقاً لخططتنا لقد ازدادت أدواري بالشركة وسوف يكون لى الكلمة اﻷخيرة قريباً ولكن هذا الديفيد يقف كالمسمار فى طريقى فلا أدري بعد كيف سأزيحه من الطريق فهو المخلص الوفى للكفيف الذي يدعى أبى …. كنتِ محقه يا أمى بشأن عودتى ﻷبى… فإن لم أرجع لكان هذا الديفيد مستحوزاً على اﻷخضر واليابس فأبى يثق به ثقة عمياء كعينيه !!!….. شكراً كل الشكر للعم تشارلز … بلغيه تحياتى … ولكنى لا أعرف ماذا أفعل حيال ذلك ؟…. لا أستطيع أن اتهمه بأى تهمة حتى أزيحه من طريقى فهومكاراً كثعلب وحويط إلى أبعد حد…. وأخشى يا أمى
.أنه لا سبيل لي إلا بزواجى منه … حتى يزيد تحكمى فى الشركة تحت مسمى الحب و الزواج
.أمى لا تنسى هدفك الرئيسى من زوجك فأنا وأنت نعلم جيداً أن الرجال لا أمان لهم
إلى اللقاء أمى
إبنتك سيلين
كان الذهول هو المحتل الرئيسى لمشاعر جيوفانى ما أن إنتهى ديفيد من قراءة الخطاب حتى فتح الورقة اﻷخرى التى بداخل الظرف
. وجدها نسخة أخرى وأكثر تفصيلاً
. فهم أن الورقة الخارجية ماهى إلا مسودة ما قبل الكتابة ليس إلا
-98-
سمع جيوفانى صوت السيد أندرو يناديه من الطابق العلوى أسرع ديفيد وأخفى الورقة بسرعة الريح فى أحد جيوبه
. صعد السلم بخطوات متثاقلة فهو لا يدرى ماذا يجب أن يفعل بتلك المسؤلية التى قد وضعت على عاتقه؟
حاول التماسك ولم يلحظ السيد أندرو إلا القليل من توتره فسأله: ديفيد بنى هل أنت بخير؟
.أجاب ديفيد بإرتباك: نعم سيدى أندرو أنا على خير ما يرام يبدو أنه القليل من أﻹرهاق
ثم سكت ديفيد لحظات مستريحاً لفكرة أنه لن يراه أحد ثم تابع لكى يرتاح قلبه : وأين اﻵنسة سيلين؟
.قالت إنها ستشترى بعض اﻷدوات المكتبية –
. أريد منك معروفاً يا أبى –
وماهو ؟-
أن لا تقول لسيلين أننى قد جئت إلى هنا فأنت تعلم هى تبكتنى كثيراً إذا قدمت لك أوراقاً للعمل فى ظل تعبك –
.. ثم أردف ديفيد بروح الفكاهة
.ولن أستفيق أبداً من التوبيخ
.ضحك السيد أندرو وقال :مؤكد…لك ما شئت أين الأوراق ﻷمضيها
مسك جيوفانى يد السيد أندرو عدًل اﻷوراق ليطلعه على مكان اﻹمضاء … فالسيد أندرو قد كان فى آخر اﻷمر يوماً مبصراً لولا زيادة نسبة السكر بالدم يوماً ما … فﻵن كل ما يحتاج إليه فقط من يدله على أول الطريق أما فهو فيحفظ الحروف
ومازال يستطيع تخيل الورقة ومازال يتذكر الحروف ويعرف مكان اﻷقلام فلماذا لا يكتب بنفسه؟فى مكتبه ؟ … فتلك
.هى واحدة من مهارات من قد سُلبت منه حاسة من حواسه
..إنتهى اﻹمضاء
إستأنف ديفيد الوقوف وأردف: أتمنى لك الصحة ودوام العافية سيدى هل تريد منى أن أحضر لك شيئاً ؟
.لكنى سأنام يا بنى فقط أغلق الباب خلفك واغلق الستائر من فضلك لأستطيع النوم-
خرج ديفيد إلى الشارع لا يدرى ماذا يفعل لقد رأى بعنيه خيانة فتاة لا تتعدى ال 24 عاماً ﻷبوها كما أنها تخطط لكل
. الرجال وليس السيد أندرو المسكين فقط
….إزداد بداخله الغضب من بنات حواء وقرر اﻹنتقام منهم جميعا فى سيلين
ولكن كيف ؟
-99-
هل سيوافقنى والدها إذا قدمت تلك الورقة اللعينة كدليل فغالباً سينكر السيد أندرو كلامى حتى لو ظهرت الحقيقة مثل الشمس في كبد السماء ففي النهاية هى إبنته التى لطالما بحث عنها ولطالما أحبها … وحتى إن قررت أن أواجهه بالحقيقة سأسلب منه حلم عمره بأن يكون بجوار إبنته الغالية سيلين ؟
نخطئ بالعمد كثيراً لنصل للهدف …. مبررين هذا الخطأ .. بالمثل القائل الغاية تبرر الوسيلة …. تتضخم اﻷخطاء ومن المحتمل أن نفقد السيطرة عليها….نتذكر هدفنا فنتعذى ..
ولكن وقتها يتحكم القلق فى حياتنا فنصبح متربصين ﻷية مفاجآت قد تكشف كتاباً قد نُسِجت حروفه بدقة لتتحدث عن ما قد ارتكبناه نحن من أخطاء غير مغفورة!
عندها نخشى السراب ونجرى ولا مطارد خوفاً من الّا شئ !!!خوفاً من أوهاماً قد سكنت خيالنا فتمكنت من عقولنا
عندها نتيقظ وننتبه بخوف للهواء النقى الذى قد ينعش اﻷتربة فيكشف الصندوق المغلق على كتاب أسرارنا المكتوم المكتوب بخط أيدينا عندها يسهل العثور على بطل قصتها
محذرة بضياع كل ما قد وصل إليه صاحب الأسرار و كاتب الخطايا
هذا بالتأكيد هو شعور تشارز.. يخشى المجهول ويخشى أن يتحدا عليه اﻷخوان جيمى وجيوفانى فإذا وجدا إحداهما الآخر
. ربما تبدأ رحلتهم لإكتشاف الماضى فتنكشف أسرار فكرسى البرلمان يستحق كل آثامه
..وها هو يكاد يصل إلى رئاسة البرلمان أيضاً
… !!! لقد فرق بين اﻷخوين بحرفية وها هو يراقب جيوفانى مستخدماً تريز ثم السيد أندرو وأخيراً سيلين
..يشرع اللورد دانيال فى الجلوس ويقول : لقد تم المتفق عليه
.اللورد تشارلز بثقة: أعلم
ولكن الحقير قد رفض الزواج بابنتى تخيل؟! وﻵن كيف يمكن مراقبته وهو ليس تحت أعيننا كما عهدنا ؟؟-
.فى الحالتين لنا المكسب … حتى بعد رفضه لعرضك هو تحت أعيننا أيضاً –
كيف ؟-
ألم تطلب منه أن يهرب منك خلال يوماً واحداً ؟ وأنك لا تريد سماع إسمه ؟ –
.بالظبط-
.اللورد تشارلز بإبتسامة خبيثة : إنه فعل ما قد أمرته به وغير اسمه لنيكولاس أيضأً
إن كان قد غير مكان إقامته هذا معروف إنه سيفعل ذلك بدافع الخوف وإنما لما قد يغير إسمه ؟-
قد إشتريت زمة بعضاً من أصدقاءه ليقنعوه بالخطر الذي أوقع نفسه به وبالفعل أقنعوه بفكرة –
.تغيير إسمه
وكما توقعت آتى جيوفانى بالفعل لأخوه وسأل هؤلاء اﻷصدقاء عن أخوه ولم يجد إلاّ التضليل فقد بحث بالطريق
.. الخطأ واﻵن أقول لك بقلب يعمه السلام
.لقد نجحت خطتنا يا دانيال
ا-ولكنك كيف علمت يا سيد تشارلز بشأن زيارة جيوفانى تلك؟
-94-
لدى من يساعدنى يا أخى لدى آذاناً وعيوناً بكل مكان ولكن هذا ليس هو المهم …. المهم ما قد حدث عندما حاول أحدهم قتلك- فهذه الحادثة وتضحية جيمى حدثت فى الوقت المناسب لقد أعطتك التبرير الكافي والمنطقى لتكافئ جيمى … وإن لم تحدث هذه الحادثة ولم يقف جيمى بهذا الموقف البطولى لكانت مكافئتك اﻵن يحوم حولها الشك … بالطبع هذا بصرف النظر إننى كنت أثق فى طريقة عرضك و كنت ستجد كل الطرق المقنعة حيث أنه من سلالة ماثيو …وقتها سيكون من المنطقى أيضاً عرض عروضك المغرية عليه من باب الشفقة عليه لكى يرحل
. (من هنا تابع تشالرز بخبث) …خصوصاً أننى أعلم أن ابنتك سوزى تكن له معزة خاصة
….نظر له دانيال بنظرات اﻹمتعاض والخوف
نظر تشارلز فى عيون اللورد دانيال بثقه وبلغة التهديد البارد: ألم أقل لك أنني أملك عيوناً وآذان فى كل مكان؟
….إبتسم دانيال إبتسامة خائفة مترددة ثم أخذ رشفة من كأسه أكمل تشارلز
: إن تمت خطتنا بشكل جيد سنعيش بأمان وسوف أحافظ على الكرسى البرلمانى ﻵخِر يوماً بحياتى … خلال هذه-
.السنه سأصبح رئيساً للبرلمان ولا أريد أى تشويش على سمعتى