نلتمس اﻷعذار لمن يخطئ بحقنا ونتمادى فى التماس اﻷعزار حتى وإن قمنا بإدانة أنفسنا أحياناً …. نحن نرفض أخطاء اﻵخرين فى حقنا بتلك الطريقة المبدعةهذه الطريقة المبدعة تجعلنا نتصالح مع اﻵخرين … ونفقد فى المقابل ثقتنا بأنفسنا رغم حماقات اﻵخرين كباراً كانوا أو صغاراً…. ها هو الطفل الصغير يتذكر أيامه الخوالى مع أخوه جيوفانى أثناء سيره للنهر لصيد القليل من السمكفقد كانت واحدة من مهام معلمين القصر تلقين اﻷخوان حرفة الصيد بكافة أشكاله وذلك بناءً على أمر من والدهم السيد أنطونيو.كانا الطفلان يعشقان الصيد ويجدون فيه التسلية والترفيه لذلك تميزوا بهذا المجال وأحبوه حباً جماًتفكر جيمى لربما يستطيع أن يصطاد بعض اﻷسماك ويقوم ببيعها كخطة مستقبلية ولكن أين المعارف؟.فهو فى قرية غريبة عنه وغريب عنها فالحل اﻵن هو التعرف على سوق السمك الخاص بالقرية ليبيع فيها ما يصطاده فيما بعد… تحمس الصغير وهب لصيد بعض الأسماك ومنها إلى الكوخ…وجد الطفل جده جالسأً على كرسيه أمام الكوخ واضعاَ رأسه بين يديه هرع الطفل إلى جده.جيمى بفرحة : جدى.. الجد ماثيو يتحسس بيديه وجه الصغير وبصوت اللهفة وعينيه المنبهرة التائهة.الجد ماثيو :جيمى حبيبى أين كنت لقد قلقت عليك إلى حد الموت.جيمى بنظره معاتبه وكتمه بكاء. جيمى: لقد تهت فى الغابة يا جدى…. ثم يتابع مغيراً نبرة صوته الحزينة بفرحة قد إصتنعها قائلاً. ولكنى جئت إليك بالسمك من أجل الطعام وسوف أعده أيضاً بحسب إرشاداتك يا جدىولكن الجد لم يجد بقاموس الكلمات مايعبر عما بداخله من أسف فإحتضن حفيده بألم كبير وأخذ يعتزر بشدة.إندهش الطفل الصغير إذ كان يظن أنه هو من عليه اﻹعتزار. جيمى : لقد إنسكب اللبن أرضاً رغماً عنى أنا آسفإزداد نحيب الجد فإحتضن حفيده بقوة أكبر ولكنه تذكر غيابه وسأله فجأة مندهشاً : أين ذهبت يا جميى ؟؟جيمى:عندما خرجت من البيت أخذت أسير فى الحارات تفكرت كثيراً فى خطأى وأدركت حينها لماذا كرهنى أبى.وغادرت أمى ولماذا قمت يا جدى بطردى فوجدت أن إهمالى هو السببتطلع الجد ماثيو بعينيه الكفيفة إلى السراب بزهول من قدرته على التعبير عن ذاته وقال بثقة :الكل يحبك يا جيمى اﻷيامستثبت لك صحة قولى هذا وأنت ستكون ذو شأن عظيم كما أنى أحبك أكثر من نفسى فأنت رجل رائع يا حبيبى. وتستحق المحبة من الجميع.مسح الطفل دموعه بأكمامه متناسياً ما قد حدث قائلاً : شكراً يا جدى.. طبع الجد على وجه الصغير قبلة. جده : هيا بنا نطهو السمكأكلا اﻹثنان فى جو من الفكاهه ونام جيمى بين أحضان جده ماثيو ….إستيقظ جيمى فى الصباح الباكرسعياً للصيد كمهنة لكسب الرزق تغسل جيداً تهندم الصغير بقدر إمكاناته المحدودة فتأنق وذهب لجده.لكى يودعه قبل الغياب يوماً كاملاً لكسب الرزق ….حاول جيمى أن يوقظه وكان جده مستغرقاً بالنوم.نظر جيمى بإبتسامة بريئة لعين جده النائمة وقال : أراك فى المساء يا جدىطبع على جبينه قبلة سريعة وأخذ عدة الصيد بثقة رجل صانع صنارات ماهر و. بحماس قلب طفل صغير غادر الكوخوصل جيمى لبحيرة أمام الكوخ أخذ يتأمل البحيرة ويتخيل كيفسيلاقى جده بكوب لبن آخر وعشاء لذيذ ثم أفاق من خيالاته على وجه رقيق بعيد فهى فتاة تبلغ من العمر الستة أعوامترتدى فستاناً أبيضاً مزخرفاً بورود كبيرة برتقالية شعرها غير مرتب ولكنه أسود قصير إنسيابى. كالحرير جالسة بجوار أبيها كارلوس الذى يصطاد بدورهإنتهى جيمى من الصيد ثم ذهب للسوق ليبيع السمك الذى قام بإصتياده ثم لشراء ما يكفيه من اللبن وبعض العسل.والخبز من ثم إتجه للكوخأخذ يطرق جيمى الباب بنغمات منتظمة ولكن دون جدوى فأيقن الصغير أن جده نائماً فصاح بصوت عالٍٍ…حاول الصغير فتح…. الباب ولكنه كالحصن أمام ضعف طفولته فأخذ يقرع الباب بصوت مزعج ومتوال قرع الباب مرات ومرات ولا رد… تسلل القلق لقلب الصغير فقرر أن يدعو أحد المارين لمساعدته لفتح الباب
أِشعة الشمس البيضاء تنشر خطوطها من بين اﻷشجار الطويلة لتصل لعيوناً صغيرة نائمة إستيقظت عيون الصغير
.متأثرة بقطرات المطر الغزير والبرودة الشديدة تنهش فى جسده النحيف
ملابس جيمى الهشة لم تعد تحتمل قطرات المطر الغزير على أنسجتها الرقيقة خذلته تلك الخيوط الرفيعة فشعر بالبرودة
.فهو لا يعتاد هذا المكان فالغابة مليئة بالنباتات والأشجار الخضراء الطويلة
… وقع ليلة أمس فى الظلام الدامس بين اﻷشجار العملاقة
طرده جده صباح أمس من البيت بسبب إنسكاب اللبن من بين يديه الصغيرتين أرضاً فكان يشعر جيمى أنه قد
أذنب ذنباً لا يُغتفر أمام كمال جده الذى لا يخطىء أبداً مستسلماً لكل اﻹهانات والعبارات القاسية
.خاصة وأنه كان اللبن اﻷخير فى البيت
.إنهم يتحصلون على اللبن بندرة شديدة نظراّ لقلة مواردهم أو باﻷحرى ندرتها
فالجد قد أصابه العمى إثر الضربة القاسية التى تلقاها من زوج إبنته منذ شهور عدة هذا الجد السليط اللسان كان منذ
. شهوراً قليلة هادئ المشاعر متزناً نفسياّ يحب كل من حوله رغم حب اﻵخرين له للفائدة
فقد كان الجد ماثيو عضواً مهماً فى البرلمان البريطانى وكان من أعيان البلد وقد أصبح مؤخراً قائد منطقة حدودية
. وحصل على لقب ماركيز فقبل اﻷشهر القليلة الماضية كان فى يده السلطة والمال
!!لسوء حظه إنهار كل شئ قد بناه فى أعوام بين ليلة وضحاها مكتشفاً أن الصداقات شعاراتاً زائفة
…هذا الجد الذى يحتاج للآخرين الآن.. كان يخدم ولكنه يجد فى خدمة اﻵخرين له مهانة لكرامته
واﻵن إنهارت كرامته أمام الجوع والمأوى….. هرب ﻷبعد قرية ممكنة عن المدينة خوفاً من اﻹهانات هروباً من سخرية
.اﻷصدقاء قبل اﻷعادى مدركاً كل المعانى الدخيلة على حياته من خزى وخيانة
الشىء الذى لم يستطع هذا الشيخ إدراكه ما قد فعلته إبنته به فقد حدث كل ما حدث بسبب تصرفها القاتل لجميع أفراد
.العائلة لقد تهربت من مسؤلياتها وحياتها مع زوجها وأسرتها لكى تكون مع عشيقها
!!!!!. فأى حب هذا الذى يجعل إبنة وزوجة وأم أن تترك كل شئ من أجل رجل قد عاشت معه قصة عشق
إن جِراحنا من أقرب اﻷقرباء لنا يُحوِل ضعفنا إلى قسوة … وتتحول آهاتنا إلى السب و حتى القذف أحياناً فنحن لا ندرك مقدار
. اﻷلم الذى إشتد على قلوبنا
ّ
يجلس عجوز محنى الظهر تسللت النحافة إلى جسده والشحوب إلى وجهه … يجلس على كرسى خشبى أمام مدخل الكوخ فى القرية البعيدة عن المدينة واضعاً رأسه بين يديه …يرثى حاله ويؤنب نفسه كيف إستطاع أن يكسر قلب الصغير ويطرده … قائلاً بصوته المتهدل
ألم أكتفِ!!بطردة واحدة من أبيه منذ ستة أشهر ؟!!! حتى أفعل أنا نفس التصرف أيضاً؟
ماثيو هذا الذى دلل مارى إبنته كثيراً بعد وفاة والدتها وعاش من أجلها رافضاً الزواج…. هذا اﻷب الذى
.أحبها كل هذا الحب الصادق
كانت لديه الهيبة القوية أمام الجميع بشارب البشوات والبدلة التى تمتلى بجسده البدين الذى ينم عن عز مفرط
والساعة الذهبية المخبأة داخل الجاكيت اﻷسود فتنم عن رفعته من إظهار ترفه وغناه كأنما يقول أنى لا أحتاج أن
. أريك غناى فهو واضح كوضوح الشمس بكبد السماء
كان من القلائل الذين يرتدون نظارة فى زمنه و كانت نظارته الدائرية الشكل ذو الجدار الفضى
اللامع الرقيق لا تخفى ملامح وجهه المرنة والجادة أيضاً فكانت بشرته وردية وحواجبه غزيرة ناعمة سوداء إقتحمها
. الزمن ببعضالشعيرات البيض
أما جيمى طفلاً مسكيناً
صغيراً لا يتعدى الثمانى سنوات كأخوه التوأم جيوفانى كانا يتميزان بشعر حريرى أسود وعينهم سوداء كعين أبيهم اﻷمير الهندى سابقاً يتميزان بطول قامتهم بالنسبة ﻷعمارهم الصغيرة
. وبأناقتهم التى لم تقل أبداً عن أناقة جدهم ماثيو وأبوهم أنطونيو
تركت مارى كل ذلك مع خطاباً إهتزت له أعمدة القصر مصدومة من هول الفاجعة….تركت خطاباً فإنقلبت حياة الكل رأساً على عقب تركت
خطاباً تقول فى ثناياه إنها
!!!. قد سأمت الحياة مع أنطونيو و قررت الرحيل مع آخر
. وقعت بحبرٍ بارد …مارى
… تركت قفاذاً لجيمى منقوش علية إسم جيوفانى أخوه
تأتينا الصدمه وعندما لا يتسع إدراكنا المدلل الرقيق لجبروت وقسوة الموقف فيترجم الجميع سكوتنا تبلد وفجأة ندرك عمق
.مأساتنا أمام موقف عابر فتنهار قوانا البريئة فنشعر بتلك القبضة القوية فى القلب
أفاق جيمى من غفوته إتعدل من نومته أرضاً على العشب اﻷخضر الرطب لا يدرى إن كان خائفاً من وحدته فى وسط
. غابة لا يعرفها أم أنه يحتاج لمن يُسّهِل عليه قسوة الطريق ووحشتة فأخذ يدور بفزع فى الغابة بعينان حائرتان
… وصاح بفزع
!!! جدى –
. تعالى صوته أكثر وإزدادت الخنقة فى حلقه مدركاً خطورة موقفه فى مكان مجهول
!!جدى –
..تعالى صوته الفازع أكثر فأكثر
!!!جدى –
. وعندما أدرك أنه وحيداّ فى غابة غير مألوفة بالمرة صرخ والبكاء يجتاح وجهه البرئ يتهز جسده الضعيف المرتعش خوفاّ وبرودة
!!جدى أين انت ؟–
سكت فجأة من دورانه جلس أرضاً إتكأ على شجرة الكستناء لتحتويه فتمنع القليل من أسهم مائية قاسية وضع ذراعيه على ركبتيه وضع رأسه على ذراعيه قال بصوته
. الطفولى الباكى بيأس وحسرة
!! أمى …أمى –
.إزدادت الخنقة فى حلقه المتألم.
…إنى أريد أمى –
….لماذا ؟؟ لماذا قلت يا أبى إننى لست إبنك؟؟فأانا أحبك يا أبى؟؟
. أريد أن العب مع جيوفانى
هذا الحوار الذاتى ما هو إلاّ تيقظ نفسى لما يدور حوله لقد حدث ما حدث منذ أشهر
و جيمى الصغير لم يُبد أية ردة فعل تجاه ما حدث لقد كانت اﻷحداث أسرع و أقسى مما يجب بحيث لا
.يستطيع الصغير أن يترجم هذه اﻷحداث لمشاعر فورية تجبره على بالبكاء أو حتى اﻹدراك
…. بكى الصغير ﻷول مرة بكاءً حاداً مكتوماً مبحوحاً ممتلئاً بالخوف والحزن والوحدة
ها هو رجل فى منتصف العقد الرابع من عمره هزيل الجسد ثارت شعيراته البيض على شعره اﻷسود فأصبح يظهر بعمر أكبر من عمره رجلاً قد إنتهى فى عمله بحديقة قصراً عريق اﻵن يسمع أنين طفولى على غير العادة فى مكان موحش إنتبه الرجل للصوت ذهب بحرص وفضول
… تجاه الصوت ليجد هذا الطفل الصغير يبكى
.السيد كارلوس: بنى
..جيمى ينظر فجأة لأعلى نحو الصوت
السيد كارلوس: ماذا تفعل هنا؟
.جيمى بصوته الطفولى الباكى : لقد تهت بالغابة
السيد كارلوس: تلك ليست غابة بنى هذه حديقة قصر كروفت… حقاً لا أعرف ما بالكم أيها اﻷولاد تلعبون وتلتهون
.وتتركون آبائكم فى القلق الدائم عليكم تعالى معى بنى سأوصلك لمدخل القرية
كان الصمت بطل رحلتهم إلى البيت وصل السيد كارولس ووصل جيمى إلى بيته
. الجديد وبمجرد مغادرة السيد كارلوس تغيرت وجة الصغير فلم يذهب لجده
إنصهرت الشموع المشتعلة فسالت باكية كخيوط بلاستيكية سميكة على القناديل والنجاف تشتكى من هول ما شهدته
. منذ الصباح الباكر وحتى المساء
تترنح أضواء الشموع فتهتز اﻷماكن والظلال رغم السكوت طواعية لأيام سوداء يراها قصراً عريقاً لأول مرة يترنح فى تناغم معهم جسد هذا الشاب الهزيل بين أجواء القصر …. بعيناه شبه المغمضتين … حيث ظهرت بها الحُمرة …هذا الوجه
اﻷسمر الجميل تحول إلى الشحوب … فإنسيابية شعره لم تعد تشفع له ليبدو وسيماً كما كان يوماً… ليتحدث
.مظهره البائس عن يوماًمأساوياً قد مر به ..شاب فى آخر عقده الثالث
قرر الجلوس على إحدى الكراسى المبطنة والتى تكسوها أجود اﻷقمشة يمسح بسكر وإعياء قطرات الخمر الهاربة
. من فمه بظهر رسغه المتمسك بكاساً من الخمر رغم اﻹعياء الشديد
.تخرج من فمه كلماتاً هامسة بأبيات شعر هندية قد حفظها فى مراهقته
.وجدتك معشوقتى مكملتى ……فتركتينى… مثلما يترك السيد اﻷملاك
تتصدر الساحة الصوتية الهامسة فجأة طرقات الباب لتقض تماماً على همسات سكره … يلتفت الشاب للباب
.يحارب سكره ليخرج الكلام مرتباّ
.!!أنطونيو : تريز إفتحِ الباب ألا تسمعى الباب يا كلبة؟
تظهر تريز مسرعة .. تمسح يدها بالمنشفة العالقة على خصرها الثمين … تريز سيدة سوداء اللون ذات الشعر
الأجعد والحركة الخفيفة … بيتها بالقرية القريبة من المدينة تقضى ساعات الليل بالقصر … وتغادر القصر مع أول
.شعاعاً للشمس
.تريز: نعم سيدى سأفتح الباب حالاً
يظهر على الباب شاب طويل القامة عريض المنكبين شعره البنى الفاتح وبشرته البيضاء وعينيه الزرقاوين يتحدثان عن
.وسامته
.. بإحترامٍ وجدية
توم : هل السيد أنطونيو بالداخل؟
.تريز: نعم… تفضل سيدى
.توم :شكراً لكِ تريز
دلف توم إلى القصر يبحث بعينيه عن أنطونيو فيرى ذراعاً تمسك كأساً من النبيذ المعتق منسدله من مسند المقعد
. اﻷحمر المبطن ذو اﻹيطار الذهبى وصوتاً ينادى
.أنطونيو : توم صديقى … تعالى أنا هنا …. أنت يا صديقى من قد تبقى لى فى عالم اﻷحياء
.أسرع توم للداخل بإتجاه الصوت
.!!!توم بهلع : يا مجنون ماذا فعلت بنفسك!!! … إذاً ما سمعته صحيح
أنطونيو يبكى وسط سكره يحاول ترتيب الجمل والحروف والكلمات بشكل يسهُل فهمه يشيح بسبابة يده التى
.. تمسك كأساً من الخمر
.أنطونيو: يا صديقى صحيح و أنا الذى تركت الملكية الهندية ﻷجلها خسرت أهلى ﻷننى أصريت على الزواج منها
!!!توم بتعجب: لا أصدق أن مارى تفعل هذا
أنطونيو: نعم .. مارى !! هذا الملاك الطاهر البرئ التى لطالما ساعدت الفقراء … رأيتها أول مرة فى إجتماع عمل بقصر أبيها كانت تركض بخفة بين صديقاتها تجمع الورود من حديقة القصر …. تزوجنا و كان صدرها هو ملجائى عندما تشتد
. !!قسوة الحياة علينا كيف تخونينى يا مارى؟ كيف هنت عليك ؟
!توم : واﻷولاد كيف حالهم الآن ؟
.أنطونيو يضحك بإستنكار: أولادى؟ !عن أى أولاداً تتحدث يا توم ؟؟ هل هم أولادى بالفعل؟ههه أشك يا عزيزى أشك
. تجرع جرعة من كأسه ومسكن آلامه
.توم :كيف تقول هذا بالطبع هم أولادك يا أنطونيو!! ….ألا ترى كيف يشبهانك؟؟ …أين هم اﻵن أجبنى؟
.أنطونيو:لقد رحلت العاهرة بجيوفانى …و أنا طردت الجد ماثيو و جيمى
.!!توم :ماذا تقول ؟! هل جننت !! أنت بالفعل قد فقدت صوابك
أنطونيو يبتسم بإستنكار وهو ينظر لكأسه : لقد بعت لنفسى أملاك السيد ماثيو بموجب التوكيل العام
. الرسمى … حتى أعوض خسارة حياتى معها
.!!توم : ماذا قلت
أنطونيو وقد إ زادت حرقة قلبه وبحة صوته : والعجيب يا صديقى أننى لم أستطع أن أداو عذاب حبى لها رغم كل تلك
..اﻷملاك فأنا مازلت أحبها يا توم.. أحببتها بصدق ولا أعرف كيف أكف عن حبى لها
..تحولت ملامح وجهه الباكية إلى زهول وعدم إستيعاب
قدمت لها حياتى ضحيت بكل شئ من أجلها!!! …حتى أبوها ماثيو قد قدر تضحيتى من أجلها وعوضنى بهذا التوكيل
.أنجبت لى أولاداً رائعين حقاً !!!! أحببتهم بصدق أعطيت كل طاقتى من أجل إنجاح هذا الزواج
.توم: هون عليك يا صديقى
.سكت أنطونيو حيناً ليتذكر ماذا حدث ثم أردف قائلاً كأنه يرى أحداث الصباح مرة أخرى أمام عينيه
أنطونيو: اليوم صباحاً دخلت إلى غرفة جيمى سحبته من فراشه بقسوة قلت له هيا أخرج من بيتى يا إبن العاهرة خذ
.. جدك معك لا أريد رؤيتكم مرة ثانية
.قال لى : أبى
.. إزدادت خنقة أنطونيو فأردف قائلاً بذهول
!!!قلت له أنت لست إبنى أخرج إبحث عن أبيك خارجاً
…قال لى سامحنى يا أبى أعدك أننى لن أكسر الزجاج مره أخرى ولكن دعنى أبقى
إبتسم أنطونيو بعدم إكتراث ثم بكى كاﻷطفال
.ولكنى جررته للخارج وأوقعت السيد ماثيو أرضاً فاقداً الوعى
توم : كيف فعلت هذا يا أنطونيو ؟ اانت مجنون ؟!كيف تفعل ذلك ؟! وأين هم الآن أجبنى؟
أنطونيو يضع رأسه بين يديه و يبكى بكاءً مراً ويصرخ: لست أدري لا أعلم يا توم ….لا أعرف أين هم ولا
. أريد أن أعرف
.يقوم الشاب من مجلسه مقاوماً تيهة عقله وترنح جسده وسرعان ما يجلس فاقداً السيطرة على قواه فيسنده صديقه
هو : لا نستطيع أن نكمل تلك العلاقة هى : نعم فكلانا لا يستطيع الصمود أمام برودة المشاعر لقد اختبرنا عشقنا أمام مسؤليات الحياة وقسوتها فصدمنا بأنفسنا فلا طاقة لنا للإحتمال هو : نعم يجب أن ننفصل هى: وماذا سنقول للناس ؟ هو : لا أدرى حقيقة لا أدرى هى : إذن يجب علينا اﻹستمرار حتى لا يتهمنا مجتمع منافق بالفشل هو: ﻹذن سنعيش سوياً ولكل منا قرار الحياة وحيداً هى: أجد ذلك حلاً منطقياً جداً ولكن ينقصنا خطوة بعد كل تلك الفضائح التى قد أثيرت عنا أمام أعين الجميع هو : وما هو ؟ هى: يجب أن نمسح تلك المساوئ سريعاً من ذاكرة الجميع لنثبت لهم أننا ما عدنا نقوم بأدوار عشقيه فى مسرحية الحب الهزلية تلك والتى لم تُكتب لنا يوما …. يجب أن نقوم بدور العاشقين فى الفصل اﻷخير منها بشكل درامى قوى فيسهل وقتها التخفى وراء حقيقة المشاعر فلا أحد يشعر وقتها بشئ من برود أدائنا . هو: نعم ولكن كيف ؟ هى: تعلم أننى أجيد السباحة … دعنى أدعى الغرق فى نهر القرية وانت تتدعى أنك ستخاطر بحياتك ﻹنقاذى عندها فقط سيرانا أهل القرية جميعاً وقد إدعى حبنا كذباً أنه مازال حياً يرزق حينها سنكمم السنة الجميع هو: إنها حقاً فكرة جيده جداً هيا بنا لننفذ … أمستعدة أنت؟ هى: نعم هو : ﻹذن هيا إدعى الغرق وسأدعى أنا إنقاذك بحبى الواهى
هى تسبح وتسبح وإذ بها تدعى الغرق وهو يدعى الخوف والرعب ومن ثم يدعى أخذ ردود اﻷفعال
مرت دقائق … سمع صوتها يناجى وتلك المرة يناجى بجدية فهو كالموسيقى الخبير بجميع طبقات صوتها …. فسمعت صوته ايضاً تلك المرة ينادى بإسمها بخوف يملأه اﻹرتعاب كادت تغرق بنهراً قاسياً عن حق وكاد هو يغرق فى نهر الفراق عن حق أنقذها وخرجوا من النهر
هو: كدت أموت إرتعاباً عليك وقت غرقك تخيلت لوهلة البيت بدونك فسقط قلبى من بين ضلوعى هى: شكراً حبيبى .. ﻹنقاذك إياى … ولكن إن كنت تدعى محبتك فأنظر إلى الشارع فلا أحد يكترث أصلاً إن كنا سوياً أو لا هو: نعم لقد أدركت ذلك حبيبتى ….. فلم يكن ممثلين ومخرجين ومؤلفين ومشاهدين لمسرحية الحب الهزلية إلانا كل تلك الفترة… ورغم ذلك أصر على حبى لك هى: ألن تعلن ذلك للناس جميعاً ؟ هو : أتهتمن بذلك ؟ هى : لا لم أعد أهتم بذلك… فالعشق كالجنين ببطن أمه لا يمكن إخفائة وسيعرف الناس بشأن حياه الحب تلقائياً هو: وإن لم يعرفوا ؟ هى: أيضاً لم أعد أهتم يكفى معرفتى أنا بذلك هو: عيد حب سعيد سيدتى هى: عيد حب سعيد عليك سيدى
إن أردت هزيمة شعب فقط عليك بالمرأة …. فالمرأة هى مصنع اﻷوطان … مصنع الاخلاق والعلم والنفسية السوية المرأة هى أساس تقدم الشعوب … ألم يكن لأشد الاشخاص بؤساً أمهات لا تقدم لاطفالها سوا التعنيف …. وماذا كانت النتيجه الا الحروب على ايدى هؤلاء الضحايا …إن اردت ان تنال من حضاره … قلل من شأن المرأة … قلل من شأن دورها العظيم أسلبها حقها فى التعليم … وإجعلها تشعر بعدم أهمية دوره
الثورة الحقيقيه مش نزول فى الشارع وشعارات ولافتات عيش حريه عداله اجتماعيه
الشعب لازم يثور بصمته!!!
مصر هى اخناتون وكلوبترا الملك مينا… محمد على..مصر هى الفلاح البسيط اللى بيزرع ارضه… مصر هى كل مهندس ودكتور وصيدلى ونجار وسباك وبواب بيأدى دوره المؤمن بيه بامانه … مصر هى كل ام عارفه دورها ومذاكراه كويس اوى وعارفه ومتاكده انها احتمال كبير اوى تكون بتربى دلوقتى رئيس جهوريه مصر او عالم او فنان …. اللى هيبقى هديه من ايديها لبلدها بعد بالكتير 30 سنه …. مصر هى عمر الشريف..ام كلثوم .. فاتن حمامه…يوسف شاهين…. نجيب محفوظ .. توفيق الحكيم… احمد زويل .. مجدى يعقوب .. مصر عمرها ما هتتشرف وسط العالم غير باهلها …… مصر مش البلطجيه والجماعات المتطرفه والتخلف والفقر والفساد لو حبيت تهدم شعب نسيه ماضيه.قلل من قيمه دور الام …. نسيه شرفه … وخليه باصص على كل ما هو مسخ علشان ثقته بنفسه تقل ويفقد هويته . بالتقليد الاعمى وعقدة الخواجة… مصر كيان لازم نعوده يتشرف بينا …. قدام العالم … مصر مش هيعدلها اى رئيس دوله لان عمر ما هيجى رئيس دوله من شعب مش مؤمن بنفسه وفاقد الامل … لو حقيقى عايزين نغير نبدا من بيوتنا والام تؤمن انها قوه جباره ممكن تبنى البلد وممكن تهد البلد لان الاطفال هما المستقبل وهى حاضنه المستقبل بين ايديها …. لان البيت هو الخليه اللى بتكون جسد الدوله اوعى تستهتر بقوة اسرتك وقوتك انت سخصيا … هتلر فرد واحد فى المجتمع وعمل مذابح ومجدى يعقوب فرد واحد وغير مصير ناس كتير من ابناء هذا العالم …. لازم نصدق اننا قوه جباره قابله للانفجار فى اى لحظه اما بالتخريب او بالتعمير ….هى دى الثوره الحقيقيه والمضمونه العواقب من وجهة نظرى
منذ وفاتك قد اخترعوا الكثير والكثير من الاجهزه فقد حدث تطوراً تكنولوجياً كبيراً فى السنون التى غبت عنا فيها …لقد دخلت سوقاً تجارياً لبيع أجهزه المحمول واﻹشتراك فى خدمات اﻹنترنت …تخيلت لو كنت ههنا معى اﻵن كيف سترى تلك اﻷشياء ؟
أتدرى شيئاً يا أبى عندما نظرت حولى على تلك الاجهزه لم اميز نوعها او مميزاتها فقد رايتها فقط مجموعة من الشاشات السوداء التى تضئ بكافة الالوان اذا ما قمت بلمسها .. نعم أبى فأنا مثلك لم أواكب تلك التكنولوجيا … فأنا أكتفى بتليفون المنزل ولا أفكر أن أشترى أحدث موديلات الموبايل أبداً ….إلا إذا جائتنى كهدية ..
كما لو كان عقلى يرفض المعرفة التى تجهلها انت بعد غيابك…. فمعرتك بما اجهل يعطينى شعورا بالامان او ربما انا لا أشعر بشئ محدد على اﻹطلاق … أنا بخير أبى.. نعم أنا بخير
أحبت ابيها الذى يعشقها لحد الجنون فدعت الله قائله استطيع تحمل موت ابى يوما ولكنه لا يستطيع تحمل موتى فإن لم نمت سويا اجعل يومه قبل يومى وسأتعايش انا مع حزنى ….
هذا عندما يكن الموت عطية امام قسوة الفراق ….
مرض الاب فدعت الابنه الله قائله بدموع دامية وقلب قد احترق حسرة منسحبًا باعماق الصدر خشية وخوفا من اصعب الحروف والعن الكلمات التى تخرج من فم لا يطيع سوى كلمات صماء اختارها العقل بعنايه.. اشفه من عذابه او اسحب روحه يا الله ..كفاه عذابا .. مر يومين ومات الاب … وعاشت الابنه ….
هذا عندما تكن الحياه حياة والموت موت والاصعب بينهما هو نصف الحياه ونصف الموت