منذ وفاتك قد اخترعوا الكثير والكثير من الاجهزه فقد حدث تطوراً تكنولوجياً كبيراً فى السنون التى غبت عنا فيها …لقد دخلت سوقاً تجارياً لبيع أجهزه المحمول واﻹشتراك فى خدمات اﻹنترنت …تخيلت لو كنت ههنا معى اﻵن كيف سترى تلك اﻷشياء ؟
أتدرى شيئاً يا أبى عندما نظرت حولى على تلك الاجهزه لم اميز نوعها او مميزاتها فقد رايتها فقط مجموعة من الشاشات السوداء التى تضئ بكافة الالوان اذا ما قمت بلمسها .. نعم أبى فأنا مثلك لم أواكب تلك التكنولوجيا … فأنا أكتفى بتليفون المنزل ولا أفكر أن أشترى أحدث موديلات الموبايل أبداً ….إلا إذا جائتنى كهدية ..
كما لو كان عقلى يرفض المعرفة التى تجهلها انت بعد غيابك…. فمعرتك بما اجهل يعطينى شعورا بالامان او ربما انا لا أشعر بشئ محدد على اﻹطلاق … أنا بخير أبى.. نعم أنا بخير
ان كنت من محبى قراءة الروايات فاليك روايتى لاتنسى ترك تعليق حتى استمر شكرًا
الفصل الرابع عشر
ننطق بكلمات اﻹنتقام نأذى آخرين وما نحن إلا مجروحين وما هو غضبنا و إنتقامنا إلا حلاوة روح فنكون نحن أكثر من يحتاج إلى اﻷمان والحنان لا نفهم نحن ماذا نحتاج بالفعل ولا يتفهم اﻵخرون إحتياجاتنا فلربما حينها ندخل فى دائرة أخرى من الكراهيه
.كبر جيوفانى تخلص من إسمه وهو يعلم جيداً أنه قد قطع حبلاً أساسياً يربطه بأخيه
عاقب كل من تطاول عليه أو ناداه بإسمه الحقيقى …. كان يخافه كثيرين أصبح جيوفانى عدوانى إلى حدٍ كبير ….
تناسى جيوفانى إسمه الحقيقى وماضيه … فنسى البعض … و تناسى البعض خوفأً منه …وبدأ من جديد كديفيد
.عندما إنتقل من قريته إلى أخرى
مرت اﻷيام والشهور والسنين ولم تموت رغبة اﻹنتقام بداخل الفتى أراد لو أنتقم لكل رجال العالم من بنات حواء …. رأى
. فى كل انثى أمه الخائنه وكل رجل أنطونيو المسكين
أصبح شاباً كسر قلوب الكثيرات من العذارى دون أن يطرف له جفن أصبح يكره المرأه بل ويمقتها …. وعندما يشعر
باﻹحتياج لها يمقتها أكثر فأكثر… فيبحث عن مارى أخرى بداخل أى أنثى ليعذبها ويتشفى حتى تبرد نار كراهيتة
. قلبه فينتقم ﻷبوه
. بلغ السن القانونى غيّر إسمه بشكل رسمى ليصبح ( ديفيد) دفنت شخصيته الحية شكلاً وموضوعأً خلف إسماً جديداً
كثيراً ما كان يقول السيد أندرو لجيوفانى أن ليست كل السيدات خائنات أما جيوفانى لم يقتنع قط بتلك الفكرة…. فكان يقول بخاطره … لقد تخلت عنك زوجتك حرمتك من إبنتك الوحيدة؟ !!! وأمى تخلت عن أبى حتى تريز أرى فى عينيك يوميأً نظرات الشك تجاهها !!! فكيف لى أثق بإمرأة يوماً ؟
.يرى جيوفانى أن الحب شيئاً أسطورياً لا يقع فيه إلا رجلاً مصاب بمرض الحماقة ولا تلجأ إليه إلا اﻹمرأة الخبيثة
حياة جيوفانى ( ديفيد) اﻵن تتخذ الشكل الصحى بعد تغيير اﻹسم بشكل قانونى كل شئ فى حياة جيوفانى كان متميزاً
-65-
. إلى حد كبير إلا مشاعره تجاه أخوه جيمى فكل جوارحه وكل أهدافه منصبة على أخوه جيمى فهو يريد أن يراه
.كثيراً ما كان يبحث عنه ويسأل ولكن الفشل الزريع كان النتيجة الحتمية لكل مجهوداته
جيوفانى كعادته يعمل بكل همة ونشاط مرت اﻷيام حتى دلفت عليه تلك الفتاة مكتملة اﻷنوثه وقفت أمام مكتبه وقالت بصوت أنثوى واثق :هل السيد أندور موجود ؟
أجاب جيوفانى بعينيه اللامعتين المحترفتين تفحص جسدها من رأسها وحتى قدميها بتمرس وبإبتسامة الثقة تطل من عينيه : موجود … هل أتشرف بإسمك سيدتى ؟
….ذهب جيوفانى مسرعاً إلى مكتب السيد أندرو أخبره بوجه بشوش فهو يعلم قيمة تلك الزيارة للسيد أندرو
…جلست سيلين نظرت إلى أجواء المكتب بتمعن
.خرج ديفيد مسرعاً تاركاً السيد أندرو واقفاً مزهولاً قائلاً : تفضلى سيدى بإنتظارك آنسه سيلين
.دلفت سيلين أغلق ديفيد الباب خلفه بإبتسامة فرحه خرج جلس على مكتبه
ما أن شعر أندرو بإبنته …. ما أن تنفس الهواء من حوله … ما أن وصلت رائحة عطرها اليه حتى تفكر فى قلبه بثوان معدودة … آه أنا أحفظ تلك الرائحة الطيبة عن ظهر قلب فهذه رائحة أوجونيه وها هى الصغيرة تضع عطر أمها …… آه لقد إشتقت اليك حبيبتى ؟ ولكن مهلاً هل أفتح زراعى لأعلن إستقبالى لها بين أحضانى ؟؟ لا لا فماذا لو فزعت منى؟؟ ولكن كيف سآراها إن لم ألمسها كيف سأعبر عن خواطرى؟ ولكنى كيف أداريها أيضاً ؟؟
أصبح اﻵن السيد أندرو بكل خبرته وعمره كالتلميذ المهمل الذى يتعلثم أمام معلمته .. يجهل ما الذى يجب فعله فى
. حالة كتلك مر زمناً طويلاً لم يرى إبنته منذ أن كانت فى سن الرابعة
وها هى اﻵن فتاة يافعة أنيقه تشع بالجمال كأمها فتاة ممشوقة القوام رقيقة الملامح ينطق الشباب من وجهها الزهرى
ليتحدث عن الشيخوخة التى تسللت بخبس لوجهه فيندمج الوجهان ليعلنا كم مر من الزمن يسبحان كلاهما فى بحراً
.من الحرمان.
ترجل السيد أندور مستنداً ليصل لإبنته فتحسس تفاصيل أثاث مكتبه ليراه وصل لساحة المكتب ﻹستقبال إبنته محاولاً التماسك مد يديه للهواء وهو
.ينظر فى العدم بفم مبتسم
!!قائلاً بإنبهار : سيلين إبنتى؟
!!سيلين بعينين دامعتين: أبى
-66-
.أبت أبوته اﻹستسلام للخوف بعد سماع كلمة أبى تخرج من شفتيها
.فرد السيد أندرو يديه للهواء لإستقبال إبنته : كم إشتقت إليكِ يا إبنتى
.هرعت إبنته لأحضانه عندما أدركت أنه قد فقد بصره
…بكيا بأحضان بعضهم البعض
تحسس وجهها ليراه ثم ضم يديه على كتفيها بفخر ونظر أمامه متخيلاً وجهها متجاهلاً بكاءه : سيلين إبنتى صدقينى
…. يا سيلين حاولت أن أراكى
حاولت أن أسمع صوتك كنت أفتقدك بشدة كنت أبحث عنك فى جميع أنحاء فرنسا ولكن أمك إستطاعت أن
…. تخفيكى عنى وعن ومسامعى
أدرات سيلين ظهرها إلى أبيها : كيف هنت عليكما أبى ؟؟ كنت أبحث عنك فى وجوه كل آباء صديقاتى … كنت
. اتمنى ان يأتى اليوم الذى أفتح فيه الباب ﻷجدك أمامى فتأخذنى بين أحضانك
كانت دموع السيد أندرو تروى الخطوط الرفيعة التى نقشها الزمن على بشرته كالمياه التى تسقى اﻷرض البور : دعك من
.الماضى حبيبتى ها أنا ذا أمامك اﻵن …سيلين إبنتى فسامحينى
التفت سيلين فجأة بعين دامعة مزهولة: أسامحك ؟؟
السيد أندرو بهفلة المظلوم بين صوته المرتعش :سيلين لقد حرمت منك مثلما حرمتى أنتِ منى يا إبنتى أما اﻵن لا يوجد
.سبباً للإبتعاد أو الفرقة يا سيلين سوف أضعك بين ضلوعى تعالى يا غالية سأعوض عليك كل سنين حرماننا
سيلين ألم: ألم يفت اﻵوان يا أبى ؟
السيد أندرو بإبتسامة أمل يأخذ سيلين من يديها يتحسس طريقه إلى مقعد الضيوف فى المكتب ويجلسها معه كالطفل الصغر التائه :: لا لا
. حبيبتى لم يفت اﻵوان أبداً …. تعالى
إجلسى أحكِ لى بالتفصيل عن حياتك ما هو عملك اﻵن كيف تعيشين ؟… ثم يسكت دقائق ويقول بتردد: ككيف هو حال
أوجونيه هل هى بخير ؟
valentine zuslineسيلين : أنا جيدة تخرجت منذ سنتين فى كلية الحقوق وأنا اﻵن أعمل محامية بشركة
… فى فرنسا فهى شركة عريقه تأسست عام 1692 لإنتاج النبيذ أمّا أمى فهى بصحة جيدة
. والحمد لله ولكن زوجها غريب الطباع
ما إن سمع السيد أندرو كلمة زوجها إختفت بسمته وقال مندهشاً : هل تزوجت أمك؟؟
.سيلين : ألم تكن تعرف ؟؟ كان هذا الزواج من حوالى السبع أعوام …لقد تزوجت من رجل أعمال فرنسى
السيد أندرو:يدارى إندهاشة قلبه ويقول بإبتسامة خارجة من قلب الدهشة والحزن : جيد .. كم كنت أتمنى أن تجد
.من يعوضها عنى
سيلين ببرود :هل أنت بخير ؟
السيد أندرو يجيب بتلقائية مبتسمة مسطنعة : نعم إبنتى … دعك من كل هذا هيا بنا لنذهب للبيت هل إشتاقتى إلى منزل الطفولة حيث الحديقه وغرفة نومك ؟؟ومكان العابك كل شئ موجوداً كما لم يمر الزمن كنت أعتنى بكل شئ كان يخصك
نعيش طفولتنا بسلام ..أعواماً فوق الأعوام يزداد إدراكنا بما نشعر … نرى فى أيدى أطفالاً العاب جديده نشعر بالحرمان … فيولد بداخلنا طفل صغير نقبله وندلله بإستسلامنا وندعوه الغيرة… ينمو فياخذ جزءاً من طاقتنا وأفكارنا وحياتنا … نغذى الغيرة بداخلنا لتنضج معنا وتحتل حياتنا أكثر فأكثر حينها تتحول غيرتنا إلى حسد ونتمنى زوال النعمة من أيدى أصحابها نغذي هذا العدو أيضاً فينمو لتزداد ضربات القلب غضباً إذا رأينا الخير فى أيدى آخرين وقتها تكون الكراهية قد إستشرت بداخلنا فنأذى اﻵخر لنعالج شعورنا بالدونية أمامه عسى أن يدب السلام لقلوبنا مرة
أخرى ولكننا لا ندرى وقتها أن بإستسلامنا قد صنعنا ﻷنفسنا أكبر عدواً لنا وعندما نفيق من غيبوة كراهيتنا أمام أى نجاح للآخر نجد أنهم يكملون طريهم بنحاج مجروحين ونجد أنفسنا لم ننجح بشئ سوى النجاح الساحق فى الفشل الزريع عندها يزداد غضبنا وتزداد كراهيتنا ورغبتنا فى اﻹنتقام لنتحول إلى وحوشاً ضارية تقتل ذاتها أولاً بسم
…الكراهيه ونحن فى الواقع لم نسبب للآخرين إلا القليل مما قد عانينا نحن
.إزدادت نار الكراهيه بقلب سوزى وكانت هيلين هى من تدفع الثمن من كرامتها بسبب سوء المعاملة .
لقد كان هذا سر هيلين فلم يعلما العم كارلوس أو جيمى بهذا التحوّل الجزرى فى علاقتها بسوزى فهيلين تيقن أن
علمهم بشئ كهذا لن يأتى إلا بتوابع غير مرغوبة فهيلين تعلم جيداً انهما يروا أن الكرامة فوق كل إعتبار حتى
.. لو فى سبيل فقد لقمة العيش
كما أن الحِمل ثقيل على كلايهما وهى لا تستطيع أن تكون عالة عليهم فإذا تركت العمل ستصبح عديمة الفائدة إختارت هيلين أن تتحمل معاملة سوزى البذيئة لفترة ليست بقليلة , وقد كان ذلك بالطبع بإستثناء اليوم الشهرى الذى يتواجد فيه العم كارلوس وجيمى بالقصر والذى يتميز بمعاملة سوزى المتميزة الخبيثة . فسوزى كانتتخشى أن
.يعرف أحدهم طبيعة العلاقة المسمومة بهيلين وحينها ستخسر سوزى تعاطف جيمى بالتأكيد
…كان يوماً عادياً وروتينياً جداً بالنسبة للجميع جيمى كالعادة مع العم كارلوس فى حلقة السمك
… و صورة هيلين لم تخفى عن باله منذ عدة أيام أخذ يفكر بها لليوم الثالث على التوالى من وقت هروبها عند شجرة الكستناء أخذ الشاب يتذكر ذلك اليوم ويتسائل للمرة اﻷلف
هل ستعود اﻷحوال مع هيلين مثلما عهدناها ؟؟
-59-
فأنا لم أعد أحتمل يا هيلين أريد ان أراكِ… وها أنا أجلس أرضاً أبيع السمك ولا تزال الشمس فى كبد السماء حتى
!!!أنه لم يبدأ البيع بعد.
بل ومازال أمامى الكثير من الوقت حتى أراكِ لا أستطيع اﻹنتظار حتى المساء للقائنا اليومى بعد العشاء خصوصاً إنك
.!! تتعمدين الهروب من جلستنا المسائيه بعد العشاء لثلاث ليالِ متتالية
اااه يا جيمى أتذكر كيف إحتضنتها ؟؟كانت ضربات قلبك سريعة قوية … نعم ها هى ضربات قلبى تزداد اﻵن وكأنها
.معى لماذا لم يكن اليوم هو موعد تقليم اﻷشجار ؟لو كان هذا هو يوم تقليم الأشجار لكنت اﻵن هناك
…لعلنى أذهب ﻷرى عيوناً تتهرب منى شوقاً لى … لعلنى أذهب ﻷرى وجهأً ملائكياً تملك منه الحب
إذا أنتظرت إلى المساء ستتهرب منى أيضأً وها أنا أموت هنا شوقاً اليها ولا أجد منها إلا الجفاء واﻹختفاء . فلم أعهد غيابها عنى كل تلك المدة .لماذا تمتنع عن الحديث معى كل تلك اﻷيام وتتجنب لقائى ؟؟أنا جيمى ألست هذا اﻹنسان الذى وضعت العنب على شفتيه عندما جفت ؟؟؟ ألست انا اﻹنسان الذى علمها كيفية الكتابة حتى أقرأ أفكارها كل مساء ؟؟؟
!!آه يا هيلين لقد إشتقت إلى حديثنا الذى لا ينتهى وانتِ حبيبتى تتمنعين
كم أتمنى أن أقرأ خطك الجميل وهو يداعب سطور أوراقك الصغيرة التى أهديتك أياها يوم مولدك… هل تعرفِ كم أود لو أسمع صوتك يداعب أذناى؟ ولكننى أسمعه بالفعل يا هيلين أسمعه عندما أُضحكك.. فمن صغرى أرى فى
.إبتسامتك فرحى وكأن الحياة ترقص مهللة منتشية بسكر خلاب يثرى البهجة فى عروقى
عندما أرى فقط ضحكتك أشعر وكأننى أسمع طيوراً متحررة تداعب اﻷشجار وكأنكِ تكافئيننى على مجهودى ﻹضحاكك
. ضحكة ينتشى بها قلبى
… كم أود لو أجد فى قاموس كلماتى ما يعبر عنى اﻵن
هل تذكرين تلك اﻷيام عندما كنتِ شاردة حزينة وعندما سألتك ماذا بك هيلين؟؟ كتبتِ بإبتسامه لا شئ يا جيمى كنت أشعر وقتها
…كنت أشعر وقتها بخطب ما فى ابتسامتك تلك
. كنت متاكداً أنا من شعورى هذا… مثلما أنا متاكد من متعتك بكتابة إسمى بخط يدك على أوراقك القصيرة
نعم فأنا يا هيلين أشعر إنك تكتبين إسمى بحروفٍ أعجمية أقرأ إسمى بصوتك.نعم فى كل مرة تكتبين
.إسمى أشعر كما لو كان هذا الخط يتكلم أشعر بأن ﻷسمى وقعاً خاصاًعليكِ عن باقى الكلمات
-60-
فأنتِ حبيبتى تكتبيه بحروف أخرى لم أتعلمها وكأنكِ تجدى فى إسمى كل شئ كل المآسى التى عانيت كل
..فرحة قلب تملكتنى أجدها فى حروف أسمى بخطك انت وليس خطاً آخر
أتذكرين حبيبتى عندما علمتك الكتابة سألتك أى إسم تريدى أن تتعلمى كتابته أولاً؟ أشارتى بأصابعك الصغيره تجاهى
كنت تنسين حرفاً فى كل مرة وعندما إستشط غضبأً بكيتِ نعم بيكتِ لقد أبكيتِك حبيبتى … هرعت خلفك وقفت عند باب غرفتى وجدتك نائمة ووجهك مكتوم فى فراشى وكأنك تشتكين منى له … سمعت صوت بكائك فأبكانى هرعت
. إلى الفراش جلست بجاورك رتبت على ظهرك قلت لك أنا آسف يا هيلين و أنتِ تبكين وتبكين
لم تكن تلك هى المرة اﻷولى التى أسمع فيها أناتك حبيبتى مازلت أستيقظ كثيراً فجرأً فأسمع أناتك المكتومة أسمع
.صوت أبيك يوقظك ويعطيكِ كوباً من الماء فى ليالٍٍ كُثر
أسمع صوت أنات قلبك الذى يرفض التصريح عن ما بداخله فى الصباح وفى الضوء الشمس .. ليخرج أسوأ ما به فى
…عتمة الظلام وقت نومك….عندما تفقدين السيطرة على أفكارك أو مشاعرك
!!كم هو خداع هذا القلب
.يوهمنا فنشعر بأشياء لم نشعر بها قط فى أعماقنا وقت الصباح ليغافلنا بأسوأ ما قد استشرى فينا فى ظلام الليل
…. دائماً كنت أسمع صوت أنينك الليلى فأركض لغرفتك ﻷطمئن
…أما اﻵن أجد إنك لم تحبذى تلك الفكرة فنظرتك لى الليلة الماضية كانت غريبة لم أعهدها منك يوماً!
فأنا أجدك قاسية حبيبتى بعد ما حدث بيننا ولا أعرف لما؟ أود أن أعرف لماذا تتهربين منى لماذا تتركينى بحالتى تلك أسمع أنينك وأركض إلى غرفتك ولا أجد فى عينيكِ إلا حثى على التوقف والتسمر فى مكانى !! هل تخشين وجودى معك ؟!! أنا لست بسئ يا هيلين أنا فقط أقلق عليكِ…انا فقط …. أحبك … أقلق عليك … أسمع أناتك تخرج منى … لماذا تتركينى أعانى صوت أناتك لثلاث ليال متتالية على غير العادة بدون أن أطمئن عليكِ ؟؟؟ ألاتعرفين يا هيلين مقدار عذابى لرؤيتك تعانين حبيبتى؟
أشعر وكأنك تبكين بالنيابة عنى أشعر أن قلبك يبكى لكلانا
… إن كان قلبك يا هيلين يُخرج ما به ليلاً فقلبى لا يُخرج بما فيه أبداً
عنما أراكِ و أسمعك تأنين كنت أرى ذاتى… كان قلبى يدمع… كنت أشعر أنكِ تمسكينه بقوة وقسوة كما لو كنتِ تعتصريه ليخرج الحزن من داخله … كما لو كنتِ تترجينى أن أبكى معكِ حتى أُخرِج كل حزناً قد تمكن من قلبى وأنتِ تعلمين سبب حزنى وشقائى … آه لو تعلمى كم إشتقت لجدى وأمى وأبى وأخى أتسائل أين هم اﻵن؟؟؟؟ هل أبى وأمى هم من ماتوا بأحضان بعضهم البعض منذ سنوات عدة ؟ ولكن لا لا لا لقد تركوا بعضهم البعض فيكيف يموتوا سوياً؟!! … أنا أعرف أنهم أحياء يرزقون وأخى جيوفانى أعرف إنه بخير كم أتمنى أن ألاقيه
….فأنا أبحث عنه بوجوه الناس من يأسى … ولا أراه إلا بوجههى أنا
-61-
…. شاب مراهق فى مقتبل عمره يحمل شوق حقيقى لم يستطع أن يتحكم بشوقه فلم يجد بداً من الوقوف فجأة
كارلوس بإبتسامة تعلوها الفراسة والدهاء : هل هيلين هى السبب ؟؟
.أرى أنكم لستوا على وفاق تلك اﻷيام
جيمى بتلقائية :: لا أعرف يا عمى فجأة تحولت هيلين فى معاملتها معى هى لا تريد التواجد معى فى أى
. مكان يجمعنا
كارلوس :هل فعلت شيئاً قد أغضبها ؟
.جيمى : أقسم لك يا عمى أننى لم أفعل أى شىء تستطيع سؤالها بنفسك
.كارلوس بهدوء: لقد سألتها.
.جيمى بلهفة : وماذا قالت لك؟
.كارلوس : قالت أننى أتوهم ذلك
جيمى سكت للحظات
.كارلوس بخبث : أتمنى لو تجلسوا سوياً وتتحدثوا حتى تعرف ماذا فعلت فى حقها يا جيمى
….جيمى :أقسم لك يا عمى لم يصدر منى أى شئ من هذا القبيل
…. إسمح لى سأذهب فأنا أحتاج لبعض الوقت بمفردى
.ذهب جيمى تاركاً حلقة السمك ومتجهاً مسرعاً إلى القصر حيث تعمل من تداوى جروحه.
…بدأ جيمى طريقه كان متردداً أيذهب بالفعل إلى القصر ليراها أم يجول متسكعاً فى أورقة القرية.
فتارة يتخيل لو إبتسم وجهها فرحاً بسماع مشاعره .تارة أخرى يتذكر ملامح وجهها خلال اﻷيام القليلة الماضية فينتابه الفزع من فكرة اﻹفصاح عما يجول بخاطرة منذ سنوات متسائلاً لو أظهر ما بقلبه لعلها تشتكيه للعم كارلوس ويخسرها … ثم يرجع ويتذكر نظرتها له فى حديقة القصر عند شجرة الكستناء فيشعر بنشوة تسرى فى عروقه وتزداد ثقته فى قراره
…أصبح جيمى متحيراً متخوفاً لا يعرف كيف يتصرف وماهى الخطوة القادمة
ولكنه قرر أخيراً الذهاب للقصر فعلى أية حال هو لا يطيق أن تكون الحياة بينهم بهذا الحال فعلى أى حال يوجد هناك ما
يجب التحدث بشأنه وهذا ما يزيد اﻷمور شغفاً وسعادة فتلك النوعية من الأحاديث هى اﻷولى مع هيلين فلربما
..ينجرف الحديث إلى ماهو أجمل وأعمق
-62-
أريد أن أراكِ هيلين أن المس يديكِ بيدى أريد أن تلمس
.يدكِ وجههى أريد أسمع إسمى من بين شفتيك بكل لغات الحب
.أريد قبلة تبل شفتاى التى جففها الزمن
…وصل جيمى إلى القصر منتشياً بخيالاته الشبابية الجامحه وما أن وصل إلى حظيرة الجياد وجد ما يكسر القلب
عندما تتسارع ضغوطات الحياة يوماً بعد يوم نتحول إلى وحوشاً كاسرة يقسى القلب ويهابنا الناس خوفاً منا وليست محبة لنا
لقد كان وجود تريز المستمر بجانب جيوفانى دعم كبير له بقدر ما كانت سلسلة حديدية قوية تربطه بالواقع والماضى المرير الذى لطالما أراد الفرار منه .كانت كل أحداث الماضى مشوشة رغم وضوحها … فلا يعلم كيف تقابلا أبوه وأمه وهما على خلاف؟
وتسائل …هل قتلها أبى ثم إنتحر كما إنتشر الخبر؟
تحولت طبيعية جيوفانى الهادئة الراقية إلى الشراسة لقد أجبرته الحياة أن يدافع عن نفسه وعن حقوقه أصبح شاب
.يخافه الكثير فردود أفعاله غير متوقعه
كان اليقين الوحيد الذى يملك قلب جيوفانى وسط كل هذا الضجيج هو أخوه جيمى كان دائم البحث عن أخوه
… ولكن دون جدوى
يشارك تريز بكل مكنونات قلبه فتريز هى الصديقة المقربة واﻷم البديلة الطاهرة أيضاً ولكنها لا تستطيع أن تلبى
طلباته وإحتياجاته المادية من مأكل ومشرب بعد اﻵن ولذلك عرفته على سيدها الجديد تاجر السمك المعروف
.. عندما لاحظت محبته الجمة للصيد
.. كانت تريز تدير منزله الحالى بعد أن غيرا محل إقامتهم
السيد أندور ولسن كفيف ومن أكبر تجار السمك فى اﻷنحاء وكان من كبار التجار لشركة الهند الشرقية كان أب بدون أولاد
….حيث انه كان قد خسر إبنته الوحيدة سيلين بعدما قررت زوجته التخلى عنه عندما إكتشفت نذوة من نزواته
بعدها أصبحت علاقه الزوجين فى قمة التوتر فقررا اﻹنفصال و لذلك وجد أبوته فى جيوفانى ووجد جيوفانى البنوة لدى
-56-
...السيد أندرو
… كان جيوفانى يعمل بعد الفترة الدراسية فى مجال صيد السمك
ولكنه مع الوقت ومع زيادة الخبرة توطدت العلاقة بينه وبين السيد أندرو وأصبح عمل جيوفانى منصباً فى
.. الشؤون المحاسبية
…وفى ساعة صفا
أندرو : أنت إبنى يا ديفيد وأنت تعرف ذلك صحيح.. ؟
. جيوفانى بفضول وإهتمام شديدين :نعم بالطبع أعرف
أندرو يدور بأصبعه على حواف الفنجان ويرفع عينيه المستهلكه التى ملئتها الكهولة إلى
…السراب …. ويقول بثقه: تريز
جيوفانى : تريز !!! ماذا بها ؟ هل هى بخير؟
.أندرو يضحك ضحكة هادئة ويتابع بجديه : لا تثق بها ديفيد
صعق جيوفانى
!!جيوفانى : ماذا تقول
.أندرو بهدوء :أقول لك لا تثق بها
لقد كان العم أندرو اﻷب الموثوق به … ولكنه على حد علم ديفيد أنه لا يعرف طبيعة العلاقة الحقيقية التى تربط جيوفانى بتريز على اﻷقل هذا ما كان يعرفه جيوفانى …. هذا هو السر الوحيد الذى أخفاه جيوفانى عن مسامع السيد أندرو كان جيوفانى يعتقد أن السيد أندرو مثله مثل باقى المعارف يعرف أن تريز هى عمة ديفيد بعد موت أبيه وأمه كانت تلك الكذبة الكبيرة فى حياة جيوفانى وخاصة بعد إنتقالهم من قريتهم القديمه ولكن العم أندرو كان يعرف الحقيقة كان يعرف كل الحقيقه بل كان يعرف ما لم يعرفه جيوفانى نفسه يعرف أن ديفيد يدعى جيوفانى وأنه حفيد ماثيو وإبن
.مارى وانطونيو لم يكن هذا فقط بل أن السيد أندرو يعرف العائلة بشكل جيد جداً
….ولكن جيوفانى ( ديفيد ) كان حرفياً آخر من يعلم بهذه اﻷسرار جميعها
لم يتوقف جيوفانى كثيراً عند تحذير العم أندرو له فلقد شعر فى دواخله أن تريز أضعف من أن يأخذ حذره منها كما أنها الوحيدة أيضاً التى كانت بجانبه فى أكحل لحظات حياته من إحباط وحزن وعدوانية وغضب كما أنه لا يجد أى داع
. للحذر فلا توجد لديه أية موارد للتهافت عليها من اجل غريزة البقاء
إعتقد أن تحذير أندرو ماهو إلا فراسة رجل كبير السن يدعى الخبرة لا أكثر من ذلك ولا أقل إزداد هذا اﻹعتقاد لدى
. جيوفانى عندما أقر أندرو بذلك بعدما ضغط عليه جيوفانى لمعرفه السبب وراء تلك الكلمات الخبيثة
بلغ جيوفانى سن الرشد قرر تغيير إسمه بشكلاً رسمياً كان هذا القرار قاسى وصعب إذ أنه سبيل مهم من السبل الوصول
أخوه اليه ولكن الخوف من نبش الماضى مرة أخرى أكل قلبه وعقله و كانت تريز هى المشجع القوى وراء هذا القرار الصعب.
ليس بالضروره أن تكون علاقة الدم هى سيدة العلاقات …. فهناك آباءً حقيقيين كانت القسوة عنوان علاقتهم
.. بأبنائهم …. وهناك أباء ليسوا بالدم ولكن علاقتهم باﻷبناء يحكمها الحب والصداقة
.نداوى أحياناً جروح اﻵخرين ولكننا فى الواقع نحبث عن دواء لنا فى إبتسامتهم لنا
حُرم جيمى من التعليم … ولكنه حظى بالعم كارلوس كمدرسه الخاص لمواجهه تحديات الحياة أصبح جيمى أكثر
.قوة ورصانة
كان جيمى محبوباً من الكل و كانت المحبة هى أساس كل علاقاته …. يتشاركون جيمى والعم كارلوس أفكارهم
وخواطرهم أثناء الصيد فيتكلمون تارة ويأخذهم الحديث … وتارة يسود الصمت فيسمعون صوت المياه الخافت
… وسط صخب الصيادين اﻵخرين
كان يقطع صمتهم سمكة كبيرة قد تم إصطيادها … عندها يموت الصمت وسط فرحة طفولية حقيقة وضحكة صاخبة
…من القلب
.مرت اﻷيام طيبة جداً فى عيون جيمى وأصبح الشاب الصغير بمثابة اﻹبن للعم كارلوس
. علمه العم كارلوس أصول الصيد والبيع والشراء والتوفير . كانوا يعملون كخلية نحل كل منهم يفيد البيت بأمواله
. مرت السنين ظهر الشارب الخفيف على الوجوه البريئة غلظ الصوت وطالت القامة وأصبح جيمى عريض المنكبين و
..كصورته جيوفانى كما ظهرت ملامح الأنوثه على هيلين
وصل جيمى إلى سن الثانية عشر ولم ينغص عليه الحياة إلا غياب أخوه رغم البحث المستمر عنه ….وغياب صوت
. صديقته الوحيدة هيلين إنها تعانى من الخرس
هيلين تنظر للشمس المشرقه شاردة بإبتسامة عذراء .. تداعب أصابعها فرو قطها الرومادى الصغير …. تتذكر كيف نظر
.. لها جيمى أمس
آه يا جيمى تلك النظرة التى أعشقها بل إننى قد أصبحت مريضة بها حبيبى …فإن مر يوماً دون أرى تلك النظرة شبت نيران الشك بقلبى… ولكن مهلاً ماذا لو لم تكن .
-49-
تحبنى كما أحببتك؟ ماذا لوكنت تعتبرنى أختك الصغيرة؟ أو أنك تشفق علىّ لأننى لا أتكلم؟ ولكن لا لا
….فتلك النظرات فريدة من نوعها لم اعهدها منه فى الماضى
مهلاً هيلين ما هذا الصوت ؟ اليست هذه خطا أقدامه؟ نعم .. لقد إستيقظ !! سألتفت اليه لأراه ولكنه سيرانى التفت اليه….وما المشكلة إذا تلاقت العيون ؟ ألم تلتق قبلاً؟
ها هى هيلين محبوبتى … تستيقظ مبكراً ككل صباح تجلس على عتبة باب الكوخ الذى تفحته كعادتها لتنشر الشمس الساطعة أشعتها فى كوخنا المتواضع ها هى الحسناء تسبح بأناملها فى الفرو الغزير لقطها الرومادى …. تذهب بعيناها إلى أفق أبعد وأعمق تخالها شاردة و حقيقة اﻷمر أن سكونها وتأملها ماهو إلى إدراك صريح لعمق الحياة …. آه يا هيلين … أفكارك كثيرة وكلماتك معدومة كم أود لو أسمع كل أفكارك كم أود لو أسمع صوتك… وﻵن حديثنى حبيبتى إن كان صوتك رخيم أم نحيف كصوت قطة برئية … أهو صوت واثق قوى؟ بل و سؤالى لكِ حبيبتى هل تتذكرين أنتِ صوتك ؟
جيمى أفق من شرودك بوجهها !!! هاهى ستلتف اﻵن اليك حول عيناك عنها سريعاً يا جيمى … حتى لا ترى حبك بعينيك
!! ولكن ماذا إن رأتنى أنظرها ؟!فأنا لا أستطيع أن أحول عينى عنها
ها هى تتلاقى العيون تتلاقى القلوب تتلاقى كلمات فمه العادية وإشارات يدها السطحية الروتينية …. و هاهو الحب
معلماً دكتاورياً قد أعطى العاشقين أصعب دروس الحب … بل أعمق لغه من لغات الحب … ليتقن العاشقين لغة أخرى
… تتناغم مع لغة قد إعتدوها فلأحاديثهم لغة ولنظراتهم لغة أخرى من عوالم أخرى
لتحقيق الأهداف ربما نلجأ للسؤال … ولكن ليس لكل سؤال جواب فورى … ها هو يبحث جيمى الشاب عن جواب لأسئلة كثيرة .. ليحقق أهدافه … فإن كان هدفه الأولى لقاء أخوه … فهدفه المُلح هو معرفة سبب إنقطاع حبيبته هيلين عن الكلام
.. قرر جيمى قطع حبل اﻹحراج الذى منعه من سؤاله المُلح سنتين اﻵن
.جيمى :لطالما أردت أن أسال سؤلاً ولكنى كنت أخشى أن تشعر باﻹمتعاض ﻷجل سؤالى هذا
. ولكنى بالفعل أريد أن أعرف
.كارلوس: إسال يا جيمى
-50-
ينظر جيمى إلى العم كارولس : لماذا لا أسمع صوت هيلين أبداً؟ ولماذا تستيقظ أحياناً كثيره ليلاً خائفة؟
..كارلوس ينظر بجانب عينيه إلى جيمى ثم يعيد النظر إلى النهر الفسيح : تلك قصة طويلة يا جيمى
…يتنهد العم كارلوس ليستأنف الحديث
قررنا يوماً الذهاب للمدينة عن طريق النهر للتنزه غرقت المركب فى عرض النهر بسبب خللاً ما فى صيانتها و
… مات كثيرين وماتت والدة هيلين أمام اعيننا
. كانت هيلين وقتها فى سن الرابعة ومن وقتها لم أسمع لها كلماتاً قط
.جيمى : أنا أعتذر يا عمى كارلوس
ترسخت الكلمات بقلب الشاب الصغير فأخذ على عاتقه مسؤلية إسعاد صغيرته … فإعطى وقتاً قصيراً من اليوم بعد العشاء ليتسامروا و يعبر كلٍ منهم عن كلماته بطريقته الخاصة …. كان جيمى يتعمد إضحاك صديقته الصغيرة حتى إذا إضطر إلى إختلاق مواقف مضحكة …. فكانت تبتسم تارة وتضحك تارة أخرى … وتنظر له بإبتسامة ماكرة تارة أخرى
عندما يتصنع جيمى السعادة…. فيتراجع كطفلاً قد خاب أمله ليحكى له عن مشاكله فى حلقة السمك فتواسيه
… بالعنب كعادتها
.كان جيمى يستهدف علاج جروح هيلين ولم يعلم أنه يداوى جروحه بدوره عندما تبتسم له بدورها
عندما نشفى جروح آخرين تُشفى جروحنا حتى وإن لم تربطنا بهم علاقة ..فالعطاء بكل صوره سعادة حقيقة وسبباً كافياً لإستكمال الحياة حينها نشعر بشكلٍ أو بآخر بقيمتنا فى إبتسامة اﻵخر..فإن إنتصارنا على عدواً لنا بمحبتنا فسنتغلب على كراهيته بطاقة المحبة بداخلنا وربما نكتسب صديقاً جديدأً فى ظل قوانين الحياة القاسية… عندها نفخر بإنتصاراً قوياً على غريزتنا العداونية وكراهية العدو .. فهذأ نوعاً هاماً من النجاح هذا نوعاً هاماً من التحدى.. فتحدى الذات البشرية وتحدى الغرائز الطبيعية إنتصاراً فى معركة يخسرها كثرين فهذا إنتصاراً يحتاج لعزيمة هذا إنتصاراً يحتاج لثقة
فللمحبة والسلام الداخلى فلسفة خاصة نكتسبها بالممارسة
قصر كروفت …..فى هيريفوردشايز كان القصر ملكاً لعائلة كروفت تقع على بعد 30 ميلاًمن الجنوب الغربى من لندن مقاطعة سورى فى إنجلترا بنى القصر عام 1497 على يد كاهن ووزير الملك هنرى السابع ثم تم اﻹستلاء على المنزل من قبل الملك هنرى الثامن …. فالملك إدوارد السادس والملكة اليزابيث اﻷولى قد قضيا طفولتهما فى هذا القصر ,وريث الملكة اليزابيث الملك جيمس الأول لم يحب القصر لذلك قام بتسليمه لرئيس الوزراء روبرت سيزل مقابل قصر ديولبودز وهو منزل عائله سيزل أحب سيزل البناء وقام بهدم3 أجنحه من القصر الملكى عام 1608
. وها هو الآن مزارا سياحياً
-51-
.توالت ملكية القصر إلى أن إمتكله اللورد دانيال
كان القصر الكبير على تلك التلة الكبيرة الخضراء ذو الحديقة المترامية اﻷطراف التى تنتشر بها جميع أشجار الفاكهة
والخضراوات تعجز العين عن رؤية نهايتها وكلما إبتعدت عن القصر تشعر أنك قد تعمقت فى غابة لا نهاية لها
.. ولا بداية
تُزرع بها جميع أنواع الفاكهة تارة ترى جمال الخضرة فى الحديقة وتارة تراها بيضاء من غزو الثلوج عند حلول فصل
الشتاء أو تارها فقيرة يابسة بفصل الخريف…. تارة تعج الحديقة بالمزارعين فى المواسم وتارة تهرب الناس من
.. الحديقة خوفاً من وحشتها فى مواسم أخرى
.لترى خلال السنه الواحدة جميع اللوح الفنية الرائعة لنفس المكان فتشعر أنك قد رحلت وأنت لازلت بمكانك
..أما القصر فكان يمتاز بحرفية المعمار والنقشات والتماثيل التى تدخل فى عمق الجدران
وكأنك قد دخلت للتو متحفاً جميلاً يمتلئ بتماثيلاً منحوتة فائقة الجمال والروعة كانت الساعة الكبيرة تظهر على أعلى
قمة فى القصر فإذا ابتعدت عن أبعد مكان للقصر ترى الساعة فتقترب رويداً رويداً لترى الزخارف النحاسية تزين الساعة
.بالورود والطيور بمنتهى الوضوح من فوق القصر على التلة
خمس منارات رفيعة تحتوى كل منها على جرساً يدق كل ساعة مصدراً سيمفونية رائعة تقشعر لها اﻷبدان فتدرك
…قيمة ورهبة الوقت
.. أمام القصر من اﻷربع جهات نافورة عند كل مدخل واحدة على شكل نساء وأخرى أسوداً وأخرى حماماً وأيضاً ملائكة
. لقد كانت كل نافورة تحفة فنية بحد ذاتها إن نمّت على شئ فإنما تنم عن زوقاً رفيعاً وفكر إبداعى وهندسى مميز
يأتى الحمام يومياً صباحاً ليروى ظمأه من النوافير… لتكتمل لوحة فنية رائعة لقصر فائق الجمال لقد كان القصر من
الخارج تحفة فنية رائعة وتراث يستحق اﻹجلال والعظمة صمم هذا المتحف الفنى بأيدى أمهر الفنانيين
. والمهندسين العالميين
جوار القصر العظيم إسطبل متواضع للجياد كان هذا اﻹسطبل محل عمل الصغيرة هيلين كانت ترتبط هيلين بكل
.. حصان بشكل خاص جداً حتى إنها كانت تعطى أسمائاً لكل منهم
تعتنى باﻷحصنة الصغيرة من مأكل ومشرب ونظافة … تحب هيلين عملها وتحب اﻷحصنه وعندما كانا العشاق أصدقاءً
جدد كانوا يركضون سوياً بين اﻷحصنة الصغيرة وسط أشعة الشمس البرتقالية على التلة الخضراء تارة وأحياناً أخرى
.يمتطونها فيلهوا فى الهواء الطلق يشعرون بحرية اﻷحصنة تقتحم أنفاسهم
-52-
كانا هيلين وجيمى ينتظرون اللقاء الشهرى فى القصر على أحر من الجمر كانت تلك بمثابة النزهة الوحيدة لهم وسط إرهاق العمل المستمر طوال الشهر وجد الطفلين العزاء فى كل منهما اﻵخر فهيلين صديقة جيمى الوحيدة التى لاقى منها المحبة
. واﻷهتمام بعد كل المآسى التى تعرض لها و جيمى أيضاً صديقها الوحيد الذى تحمل معاناتها مع الكلام
كانا يركضان بفرح ناسيين كل ماضيهم الصعب وسط أشجار الفاكهة …. فالركض والسباق هو هروب من الذات
. المتذكره المآسى ليعود الفرح لقلبهم البرئ
عندما يأتى الحب بجبروت وثقه يتخفى ليُخفى قوتة الهائلة فنستهين به … يدخل الحب كالسارق فى بيت يوجد به صاحبه… فيستضيف السارق بقلب حار بكل ما لذ وطاب معلناً قبوله إحتلالأ سيغير حياته بفرح وعن طيب خاطر
السؤال هل نستطيع إخفاء حباً قد تملك منا؟
نستسلم لحباً عميقاً نستضيف هذا السارق بقلب مرحب … غير مدركين قوة وجبروت هذا اللص وإذ فجأة وفى ساعة غير متوقعه يعلن الحب إحتلاله ويرفع أعلامه معلناً النصر على بيتاً قد إحتواه وأستضافه… ليفرض قوانينه على هواه
ونقف نحن عاجزين منبهرين بما يحدث
ها هما يلعبان الغميضه كعادتهم بعد اﻹنتهاء من العمل هيلين تحاول اﻹختباء من جيمى وقررت اﻹختفاء وراء شجرة
الكستناء ها هو جيمى يبحث ويصيح هيلين أين أنت.؟؟…. هيلين!! …. هيلين !!! ذهب بإتجاه الشجرة وأخذ يدور بحزر
حولها هربت هيلين مسرعة ولكن جيمى حضن ظهرها مسرعاً كعادته و لكنه تلك المرة لم يستطع إفلاتها !! ظل
.يحتضنها لثوانٍ معدودات شعر جيمى بدقة معهودة قد `جتاحت قلبه البكر
…إختفت إبتسامة اللهو عن شفتيه وبادلته هيلين نظرته ولسان حالها يقول أنا أيضأً أشعر بما قد شعرت به
لم يجد جيمى فى قاموس الكلمات ما يعبر عن ما بداخله وجد نفسه أبكماً أمام عينيها … أقترب وجهه بتلقائية لوجهها إقتربت شفتاه من شفتيها … حولت هيلين رأسها مسرعة بعيداً…. حاولت اﻹفلات فتركها مزهولاًهرعت مسرعة
. واضعة يديها على ثغرها متفاجئة بما قد حدث من ثوان معدودة
نعم هذه الشجرة شجرة الكستناء التى شهدت ضعفه أمام قلبه المجروح فى طفولته فإحتمى بها من قطرات المطر…
… شهدت أيضاً ضعف قلبه أمام الحبيبة فإحتوته بظلها لتضم حباً فى مهده حباً صادقاً حباً بريئاً
-53-
وكالعادة لم تكتم شجرة الكستناء أسرار قلب جيمى فكما كشفت ضعف قلبه المكسور أمام السيد كارلوس منذ
.. أعوام مضت تكشف اليوم ضعف قلبه المتعاف بالحب لسوزى
.فقد كانت سوزى العدو المتابع الصامت الدائم لعلاقة جيمى بهيلين
إزدادت الغيرة فى قلب سوزى أكلتها نار الحقد بعد ما رأت ما قد رأته فى الحديقة تلك المرة تمنت بالفعل لو هى هيلين البكماء
البشر … البشر نقمة فى أحياناً كثيرة … عندما يتناسون أخطائهم …مألهين أنفسهم … فيحاكمون… ويحكمون… ثم يعايرون… عندها نتمنى لو عشنا فى جزيرة معزولة عن أحكام قضاة قد أعلنوا فشلهم بأحكامهم السطحية التى تدين وتستنكر وتهين وتستنفر
لم يكن جيوفانى محظوظاً كأخيه …عانى الكثير من القيل والقال بسبب قربه من اﻷحداث وقرب قريته من القصر … لم يستطع الهروب من حقيقة موت والديه ….فالحقيقه فرضت ذاتها عليه بكل جبروت…. لم يستطع التمنى أو تغليف تمنيه بالمنطق فإضطر للمواجهه … لم يعلم لما ماتا سوياً ؟…سادت الشائعات بين سكان القرية أن أنطونيو قد قتل
. زوجته ونفسه منتقماً لشرفه
…آمنوا الناس بكذبتهم وتحولت الكذبة إلى حقيقة واقعة ليس لها مجال للمناقشة أو الشك..
ضاع جيوفانى بين الحقيقة والسراب …. لم يسلم يوماً من السخرية واﻹهانة…. كانت المدرسة ما هى إلا مكاناً للتدمير
… النفسى لم يجد جيوفانى ذاته إلا وقت الصيد.. فقد كانت هذه هى هوايته المفضلة
…ها هو يجلس على منضدة الطعام مع الخالة تريز شارد الذهن
تريز : جيوفانى حبيبى فى ماذا تشرد ؟؟
جيوفاتى : عمتى تريز من هو أبى ؟
.تريز: أهذا سؤال ؟!!بالطبع السيد انطونيو رحمه الله
جيوفانى : إذاً لماذا زملاء المدرسة يلقبوننى بإبن مارى؟
تريز بإنتباه : هل قال أحد لك ذلك؟
.جيوفانى يحنى رأسه وقال بإستياء : نعم يتهموا أمى بشرفها
!!تريز : يا لهم من شياطين
جيوفانى : هل خانت أمى أبى ؟؟
-46-
تريز تتذكر كلام مارى لها ثم تقول : نعم …. ثم تتابع قائلة بحسرة …. ليت اﻹنسان يستطيع تغيير ماضيه …. حتى
عندما تزداد الضغوطات على كاهلنا نلجأ أحياناً إلى اﻹنكار … حيلة نفسية نستخدمها عندما لا نتقبل الواقع فنغلف ما نتمناه بالحجج المنطقية …..تبهت الحقيقة من أساسها ومن هنا يسهل إنكارها… حينها نستطيع إستكمال مسيرتنا
الحياتية بشكل سوى
وتأتى اﻷيام نلتهى فى تفاصيلها الهشة متناسين ما يوجعنا بحق…. وإذا ما تذكرناه نرجع لننظر إلى أمنياتنا المغلفة بالمنطق …. فننسى الحقيقة وتدفن بأعماق أعماقنا
دوت حادثة مقتل مارى وأنطونيو فى أقطار إنجلترا وصلت اﻷحداث لمسامع جيمى ….رفض عقل جيمى
. التصديق … تمنى لو كانوا أحياء يرزقون فغلف أمنيته بالمنطق حيث أنهم يستحيل أن يموتا سوياً وهما على
.خلافاً شديداً
تمر اﻷيام والسنون القليلة وصل جيمى لسن الحادى عشر و أتمت هيلين سن التاسعة كانت حياتهما مليئة بالجِد والإجتهاد لكسب الرزق
واﻹجتهاد لكسب الرزق فمنذ بزوغ الفجر يستيقظ جيمى ليوصل هيلين إلى القصر حيث أنها تعتنى بأحصنة القصر الصغيرة …يذهب إلى النهر ليصتاد السمك مع العم كارلوس …ثم يجرى لحلقة السمك لياخذ مكانه فيبيع اﻷسماك
.يفاصل مع هذا ويجامل ذاك ….عند الغروب يأخذ أموالاً من العم كارلوس لشراء الطعام
يذهب العم الكارلوس للقصر ﻹصطحاب هيلين إلى البيت … وينتظر جيمى فى البيت لحين رجوع العم كارلوس وهيلين
.ليقضوا وقت العشاء فى بيتهم الخشبى البسيط على أضواء شموع تنير المساء
شهرياً يذهب جيمى والعم كالورس إلى القصر لتقليم أوراق الشجر وتهذيبها …جيمى يعمل بكل قدرته مسرعاً بجد حتى ينهى عمله فيساعد هيلين فى عملها ينجزوا العمل مسرعين ليلعبوا بأحصنة القصر الصغيرة وتارة يلعبون بين
….أشجار الفاكهة فى الحديقة الملحقة بالقصر فى وقت حلول أشعة الشمس الذهبية على التلة الخضراء
يتعبون فيسترخون على العشب اﻷخضر تستند هيلين برأسها على أكتاف جيمى الشاب الصغير
ووسط هذا اﻹستقرار لم يفقد جيمى اﻷمل للقاء أخوه ولم يترك فرصة إلاّ وبحث عن أخوه …. كان يخصص يوماً شهرياً ليبحث عن أخوه فى البلاد المجاورة ولكن دون طائل…. لم يعلم جيمى أنه يبحث عن ديفيد وليس جيوفانى فكان
أفاقت مارى من ذكرياتها على الواقع لتجد شفتيها مبتسمة إبتسامة العذراء يوم
. لقائها بالعريس و فجأة تذكرت الوضع الراهن و سرعان ما تحولت إبتساماتها إلى الخوف والترقب مرة أخرى
لم يطول إنتظار مارى حتى رأت رجلاً نحيفاً طويلاً شبه مترنح على الكوبرى فقامت من جلستها لتمعن النظر به
…وكلما إقترب حبيبها تأكدت أنه هو أنطونيو
إزدادت ضربات قلبها كلما إقترب وها هو حبيبى كم إشتقت إليك حبيبى شعرت بقبضة يدة تحوى قلبها النابض
تسارعت اﻷنفاس حتى شعرت لوهلة أن السماء قد إنتقلت إلى اﻷرض إقترب أنطونيو أكثر فأكثر ومر من أمامها
!! فهو لم يتعرف عليها
فضمت مارى زراعه بيديها بخفة خفية فى ضوء القمر البدر شعر أنطونيو أنها لمسات يدها المعهودة التفت للوراء فوراً وقد غابت السكرة عن عينيه التى تسبح بعشق فى عينيها ولم يمر ثوانِ حتى سمعا كلاهما صوت صفعة قوية على
وجهها شعرا كلاهما بقوة الصفعة بيد العاشق لمعشوقته وفجأة أفاقوا كلاهما على أحضاناً غاضبة وضربات قوية
.لقلوب قد تلاقت بعد حرمان حتى كادت أن يُسمع صداها لمسامع اﻷعداء
قال بصوت التحدى المكتوم العرق يتصبب من جبهته فى الجو المثلج يخرج مع كلماته بخار الماء الدافئ
…. المتصاعد من قلباً قد إحترق
..أنطونيو: ضربات قلبك يا مارى تتزايد وتتحد بضربات قلبى كالعادة
فكيف إستطاع هذا القلب خياتنى ؟؟ أضربات قلبك تلك ضربات عشق لى أم خوف منى؟
هل لازلتى تحبينى أم تركك عشيقك الذى تركتينى ﻷجله؟؟ هل تركتينى ﻷجله ﻷنى عصبى وكثير اﻹنفعال ؟
…إزدادت قبضة زراعيه حول خصرها فتألمت وأكمل قائلاً وهو يجز على أسنانه
لقد قلت لكِ أنى سأحاول أن أتغير ﻷجلك كيف إستطعتِ يا مارى؟؟ كيف خنتيني ؟أكنتٍ تفعلى معه ما أعتدنا أن نفعله معاً؟هاا؟
هل كان قلبك يدق وأنتٍ معه مثلما يدق وأنتِ معى اﻵن؟
هل أحببتيه مثلما أحببتينى ؟؟؟ هل أحببتيه ؟ ها؟ إهتز جسده وهو يحرك مارى فأهتزت خصلات شعره السوداء
.النديه ثم صرخ : أجبينى
…ثم إحتضنها بقوة أكبر كادت تعتصرها فصرخت مارى صرخة باكية متألمة
فقال بصوت مرتفع باكى كالصغار : أجبيينى هل أنتٍ مارى أم خيالها الذى جائنى من السكر ؟؟
…مارى بصوتها الباكى المكتوم الحذر من اﻷعداء: أخفض صوتك أرجوك
. ثم تابعت بعد أن تلفتت حولها : تشارلز يا أنطونيو تشارلز هو سبب كل المتاعب حبيبى
!!!عندها فقط .. إسترخت يداه وقال بفضول مستفسراً : تشارلز ؟؟؟
مارى بهمس باكٍ: نعم تشارلز لقد هددنى الخسيس أن أكتب تلك الرسالة اللعينه لكى تنهار سمعة أبى فيطرد من
البرلمان ويأخذ هو الكرسى البرلمانى ولقب أبى بدلاً منه وقال لو قررت العصيان سيقتلكم جميعاً …وسيقتل أيضاً
… من سأحاول اﻹتصال به
وجدت أنكم تموتون أمامى فى كل اﻷحوال فلم يعد أمامى إلا أن أخاطر بحياتك وحياتى لكى نجد حلاً
لتقف أمام هذا الخسيس هل تصدقنى يا أنطونيو ؟
…أنطونيو ينهال على مارى بقبلاته الحاره الباكية بأنحاء وجهها يقول أثناء قبلاته المبتهجه
. أنطونيو : لماذا…. لماذا لم تتكرينى أموت على يد تشارلز.؟….أهون عليّ ..من….. من شعورى برفضك لى حبيبتى
. إحتضنها بشدة وأردف قائلاً يا مارى إن موتى على يد تشارلز كان أهون من شعورى بخيانتك لى
….مارى وقد تركت جسدها بين زراعيه مستسلمة لقبلاته مغمضة العينين : أنطونيو حبيبى
..كيف لى أن أعيش….. فى تلك الحياة البائسة وأنا أعلم أنك لست بها حبيبى …..حياتكم عندى أهم من أى شئ
. آخر يا حبيبى
.شعرت بحركة فتحت عينها رأت رجلاً يصوب مسدسه نحو أنطونيو
…!!تسمرت مارى فجأة …شعر أنطونيو بتصلبها نادت بأعلى صوت خلقها به الله: أنطونيو إحترس
أخذت مكانه فى لحظة و فى لحظة أخرى فقدت القدرة على الوقوف حملها أنطونيو و ركع ورأسها بين أحضانه
…فوجد الدماء بصدرها
!!!. صاح فزعاً بصوت صارخ : مااارى
مارى تقاوم أنفاسها التى تأبى الرجوع لرئتيها تكافح حتى تفتح عينها : جيوفانى عند تريز إبحث عن
.جيمى فهو فى قريه (هيريفوردشاير) …إهرب حبيبى أأأسرع
تأخذ منا الحياة أناس أحببناهم بصدق والدنيا أحياناً تسعى جاهدة لتأتى لنا بالبديل
فتح جيمى عينيه وجد نفسه بغرفة غريبة شعر الصغير بخنقة خفيفة فى حلقه فتذكر ماحدث عدّل من نومته ..إتكئ
….على الوسادة مسترجعاً أحداث يومه المشؤم
شيئاً فشيئاً بدأت عينيه الذابلتين تعبر عن حزنها فسالت دموعه المكتومة على وجنتيه تصلب ذقنه
تطبقت شفتاه ووجد أنفه يسيل على غير العادة إزدادت الخنقة فى حلقه وإرتفع بكاؤه المكتوم إلى ماهو أعلى فأعلى حتى فقد السيطرة على نفسه فإزداد البكاء بشكل هستيرى مسترجعاً طرده من القصر من أقرب المقربيين فلم يجد بداً من
دفن رأسه بالوسادة لكتم صوته الباكى متذكراً غياب حنان أمه وغياب أخوه وموت جده و كل ما قد تبقى من الماضى
والآن لم يتبق له إلا القفاز المنقوش بإسم جيوفانى أخوه اﻷوحد وذكريات الماضى فإزداد البكاء وإزداد
.حتى شعر بأيدى صغيرة على إحدى كتفيه
هرب البكاء فجأة ومسح دموعه بهمة فى أكمامه خائفاً من ظهور ضعفه أمام اﻵخرين أدار وجهه اﻷحمر ليجد
.الطفلة التى رئاها على لحافة النهر تنظر اليه
ففرد الصغير ذراعه وضع رأسه عليها وأدار وجهه إلى الطفلة الصغيرة التى يسبقها بعامين … تحولت عيناه
الذابلتين عنها ونظر فى العدم رغماً عنه وبدأت عيناه تدمع للمرة الثانية فتحركت يديها الصغيرة من كتفيه إلى
وجنتيه فنظر فى عينها نظرة طويلة فمازالت دموعه تهرب دون رقيب نظرت عينيه مرة أخرى للعدم وبدت
. عليه علامات الهدوء واﻹستسلام
هرعت الصغيرة خارج الغرفة فنظر إليها…. فإذا بها تختفِ عن أنظاره فنظر للباب التى خرجت منه منتظراً رجوعها
.ولكن سرعان ما تحولت عينيه للعدم مرة أخرى غير مبالِ بغيابها
شعر بقدميها فى غرفته مرة أخرى فنظر إلى الباب ملتفتاً للإهتمام الذى تظهره الصغيرة فوجد بيدها صحن أبيض صغير
عميق فإفتربت منه ووقفت مرة أخرى بجوار فراشه وضعت الصحن بجوار وجهه فنظر بالصحن ليجد أربعة حبات من
.العنب اﻷحمر
أخذت الفتاة حبة عنب بيديها الصغيرة ووضعتها على شفتيه الذابلة فأشار بالرفض . فوجدها تضع حبة العنب فى فمها
فأخذت الحبة اﻷخرى ووضعتها أيضاً على فمه فرفض أيضاً فلم تجد بداً من عصر العنبة بأصابعها الصغيرة على شفتيه
.فنزل عصير العنب على شفتيه
إرتوت شفتيه الذابلة نظر اليها متفاجئاً بما قد فعلته تلك الصغيرة إبتسمت الصغيرة بدورها إبتسامة نصر رقيقة وصامته
وضعت حبة العنب قبل اﻷخيرة على شفتيه ففتح فمه ليأكل للمرة اﻷولى بعد مرور يوماً كاملاً من اﻹجهاد
.النفسى والعصبى إبتسمت الفتاة فطبعت على جبينه قبلة سريعة بريئة
….ظهر فجأة صوت والد الطفلة العم كارلوس مماسكاً بإناء يحتوى كسرة خبز مع قطعة جبن وتفاحة
أردف العم كارلوس بروح تلقائية بها بعض اﻹبتهاج الهادئ: هل أعطتك هيلين من عنبها اﻷحمر التى توفره لنفسها إسبوعياً؟
هى تعشق العنب اﻷحمر ثم ركع على اﻷرض بجوار فراش جيمى وأكمل كلامه بهمس جاد فى أذن الصغير :أستطيع أن
أقول لك إنك قد دخلت التاريخ من أوسع أبوابه اليوم وقد أخذت مرتبة كبيرة فى قلب هيلين الصغيرة لتتنازل لك عن عنبها
ا
كانت هيلين الصغيره تقف بجوار أبيها تستمع لكلماته بإبتسامة بريئة على وجهها اﻷبيض الجميل وتحمل قطتها الصغيرة
. الرومادية اللون بين أحضانها
نظر جيمى إليها نظرة لا تحمل الكثير من المعانى ولكنه على أى حال قد إفتقد وجودشخصاً بتلك الحياة يهتم ﻷمره
بدافع الحب ورغم ذلك سيطرت عليه عينيه فىنظر للسراب مرة أخرى فشعر والد هيلين بخيبة أمل طفيفة ولكنه لم يستسلم
… فتحولت ملامح وجهه من القلق على الصغير إلى اﻹبتسامة مرة أخرى قائلاً
العم كارلوس : ما رأيك أن تأتى معى للمزرعة ؟؟ فأنا بستانى بقصر كروفت الذى كنت تائهاً به من قبل فأنا هناك
أهذب أوراق اﻷشجار شهرياً وأعتنى بنباتات القصر أحياناً… هناك حيث تستطيع أن ترى غروب الشمس من فوق
.التلة وتلعب مع هيلين بأحصنة القصر الصغيرة
…نظر جيمى إلى كارلوس والد هيلين بنظرة ملئية بسراب المشاعر وفمه الحزين ينذر بغضبه المكتوم
فقال العم كارلوس بجدية لجيمى : إن كنت لا تريد أن تأتى معى فهذا يرجع لك ولكن يجب أن تأكل سأخرج اﻵن حتى
. لا أتأخر عن موعد عملى
إعتدل العم كارلوس والد هيلين وقام من سجدته أرضاً أمام فراش الصغير .وضع الوعاء على المنضدة وإتجه نحو الباب
قائلا بصوت مرتفع: هيلين إعتنى به لحين عودتى من العمل فأنا لن أذهب للصيد اليوم يجب أن يأكل جيداً أسرعت
.
هيلين وراء أبيها وعند الباب أعطاها والدها كارلوس قبلتها اليومية وإنصرف للعمل
أحياناً نضحى من أجل أن نتحاشى المخاطر ولكن عندما يحدث ما نخشاه فلا نجد أمامنا سوى
المخاطرة للحفاظ على ما قد تقبى من أطلال
ننظر دائماً للعين والمظهر نختار أناساً فى حياتنا ليكونوا محل ثقتنا ما إذا رأينا هذا الوجه الجميل والمظهر الراقى حتى نسعى للوصول الى القشريات ولا نحاول أن نرى القلب الطيب المضحى متمسكين بالشكليات ومضحيين بالجوهر عن طيب خاطر وبعدها نشكو من الخيانة ولا خائناً إلا أنفسنا
تجلس مارى على كرسيها البنى يهتز تارة للأمام وتارة للخلف ينسدل شعرها البنى الفاتح حول عنقها . كسلاسل العسل بشكل حريرى جذاب
وجهها قد تورد عندما شعر بدفئ الشاى الذى يستقر بثبات على شرفتها الكبيرة بجوار فراشها يتصاعد .بخار الشاى فى ضوء الشمس الخافت فى هذا الصباح الثلجى
رغم برودة الهواء ونسماته الثلجية كان قلبها ينبض باعثاً الحرارة بأنحاء جسدها ينبض بنار الخوف بنار الكراهية … فلم تعد تشعر بالبرودة القاسية فقرر جسدها النحيف رفض الصوف وأمرها بإرتداء ملابس النوم الحريرية البيضاء التى تعكس ضوء الشمس لتبرز جمال بشرتها البيضاء الوردية اﻵخاذة فتعكس ملابسها البيضاء ضوء الشمس حيث يرفض جسدها الضعيف . إمتصاص الطاقة الشمسية للتدفئتة
..إزدادت نار الفراق بمجمرة قلبها فكل ما قد مرت به يحتاج إلى البرودة وليس إزدياد إشتعالاً فوق الإشتعال
..أتت تريز من الخارج يوماً صباحاً كالمعتاد
دلفت تريز بيتها بعد عملها بالقصر فى نوبتها الليلية لم تدندن كعادتها أثناء عملها بالطبخ أو التنظيف بل وقفت أمام باب حجرة مارى مترددة إن كانت ستقرع الباب . و بعدها عزمت وقررت أن تقرع
سمعت مارى طرقه تلو اﻷخرى فقاومت سكوتها كعادتها قالت بصوت مبحوح وهى تعدل جلستها على كرسيها نعم .. يا تريز تفضلى .دلفت تريز الحجرة يسود الشحوب وجهها على غير العادة فأدركت مارى أنها تحمل أخباراً سيئة
….فقالت مارى بصلابة وهى ناظرة للعدم
مارى: ماذا هناك تريز ؟؟ .تريز: سيدتى أنا لا أحمل أخباراً جيدة مارى بإهتمام : ماذا هناك ؟ هل إبنى بخير ؟؟؟ تريز : السيد ماثيو ؟؟ مارى:نعم؟ تريز : سمعت أنه قد إنتقل إلى السماء يا إبنتى … ثم استدركت الموقف مسرعة بإبتسامة أمل: ولكن بفضل هذا الخبر . أيضاً تعرفنا على مكان السيد جيمى هو فى قرية (هيريفورشاير) اﻵن
عندها رجعت مارى مرة أخرى للإسترخاء على كرسيها الخشبى بدأت دموعاً تنسال وتنسال عسى أن تطفئ ناراً أكلت قلبها.. دموعاً تنسال على وجهاً جميلاً تحجر … إرتفعت عينيها إلى السماء فى شكل ما يشبه الدعاء وماذا ترى الا .سقفاً حجرياً من صنع بشرى لتشعر بغياب الله وسكوته على ظلماً قد أحرق قلبها
.تريز: سيدتى هل أنتِ بخير؟ .مارى: نعم تريز إجلبى كرسى وتعالى إجلسى أمامى من فضلك
. تريز تطيع فى رهبة للموقف المؤسف وهى مطبقة الجبين وتجلس أمام مارى
مارى بجدية : تريز لا أحد لى سواكِ اﻵن أنتِ الوحيدة التى ساعدتنى بدون أدنى شك فى أخلاقى أو ولائى لعائلتى كنت أرى يومياً نظرات التساؤل تغزو عينيك ولكنى قررت السكوت حتى أتحاشى ما أتحاشاه ولكن الكتمان لم يعد . يجدى نفعاً تريز: سيدتى أنا متيقنة إنك لم تخونى زوجك مطلقاً أنتِ ترعرعتى بين يدىّ وأنا أعلم إلى حد اليقين على ماذا قد تربيت . كما أعلم مقدار محبتك وإخلاصك للسيد أنطونو الذى ضحى بالكثير ﻷجلِك
إبتسمت مارى إبتسامة مجاملة إزدادت عندها الدموع الصامتة المتحملة قائلة محاولة أن تتماسك وقد بدت …عليها علامات اﻹصرار الشديد والمثابرة
مارى : أعرف ولكنى أحتاجك أكثر من أى وقتٍ قد مضى فى حياتى لقد هددنى تشالرز إن لم أهرب من البيت أنا – .و أحد أبنائى خلال أسبوع سيقتل عائلتى بأكملها و أجبرنى على كتابة خطاباً يوحى بخيانتى الزوجية
تريز مزهولة : .آااه يا إبنتى أكل هذا بداخلك ؟!لقد ضحيتِ بسمعتك من أجل الحفاظ على حياة أحبائك ….ولكن لماذا ؟ لماذا يفعل ذلك ؟ ….مارى : حتى تسوء سمعة العائلة وباﻷخص أبى حتى. … تقاطعها تريز بهدوء : حتى يأخذ كرسى السيد ماثيو فى البرلمان لقد نحجت خطته القذرة عديم الشرف .مارى :لم يكتفِ بهذا الحد لقد هددنى إذا حاولت اﻹتصال بأحد أفراد عائلتى سيقتلنى أنا ومن سأحاول اﻹتصال به .تريز: لا تقلقى سأذهب أنا وأقول للسيد أنطونيو كل شئ مارى بفزع: لا لا أياكِ فإن علم أنطونيو منك سيقوم تشالرز بقتل كل من قد عرف سره وقتها ستكون حياتى وحياتك وحياه أنطونيو فى خطر عندها من سيتبنى جيوفانى المسكين ؟ ألا يكفى غياب جيمى إبنى عن عينى ولا أعرف إن كان المسكين بصحة أم إعتلاه المرض ؟كما إنك تعلمين أنه لن يصدقك ﻷنه يعرف بشأن علاقتنا القوية لابد من المواجهة يا تريز لا بد أن أجد أنطونيو وأخبره أننى لم أخنه حتى يتعافى من حزنه ويعيش ﻷجلى وﻷجل أولاده متخذاً التصرف .اللائق مع تشارلز ….تريز : ولكن سيدتى .تقاطعها مارى بإصرار : لقد قررت يا تريز ولا يوجد أمامى حلاً آخر .تريز : كما تشائين سيدتى وماذا ستفعلين إذن إن ظهرتِ بالبلدة سيقتلك شارلز بالتأكيد مارى: سأذهب فى منتصف الليل قولى ﻷنطونيو أن يكون عند جداول المياه الغربية الساعة الثالثة صباحاً .بخصوص أمر غاية باﻷهمية ولا تقولى له من سيقابل .تريز : سأفعل سيدتى
قامت مارى من فراشها فى تمام الساعة الحادية عشر حسب التوقيت المتفق عليه إقتربت من فراش جيوفانى النائم مدت يديها بحنان على جبهته إبتسمت إبتسامة حزينة حانية فإمتلئت الدموع بعينها عندما تخيلت ما قد يحدث له .!!!غدأً.. هذا طفل صغير وكيف سيواجهه الحياة بدون أمه
خائفة المسكينة أن تكون تلك هى النظرة اﻷخيرة ﻹبنها البرئ النائم الذى دخل حرباً لم يدرك وجودها من اﻷساس وبألم وحسرة كتمت بكائها مسحت دموعها حتى لا تلمس جبين الصغير النائم فيستيقظ طبعت على جبينه قبلة وقامت وترجلت بهدوء وخفة إلى خارج الغرفة أغلقت باب غرفته خلفها بهدوء …وجدت تريز جالسة تنظر لها بشفقة فقالت مارى
.مارى : تريز أنا ذاهبة اﻵن ولا أدرى إن كنت سأرجع مرة أخرى وهل سنستطيع أن نمر تلك اﻷزمة . تريز: سيدتى أطال الله عمرك وأرجعك سالمة غانمة يا إبنتى مارى: تقاطعها إن حدث لى أى مكروه أكدى لجيوفانى فكرة خيانتى ﻷبوه وأعلميه أنه إبن أنطونيو حتى يتركه تشالرز ويتركك أيضاً … جيوفانى ليس له أحداً من بعدى غيرك فلا تتخلى عنه مهما حدث أرجوكِ يا تريز وحافظى على سرى ﻷمانك وأمانه إلى أن يصل جيوفانى لسن الرشد فيستطيع أن يواجهه تشالرز عندها قولى له الحقيقة وأوصيه يا تريز . أن يبحث عن أخوه .تريز: أنا أعرف إنك سترجعين سالمة غانمة ولسوف يتم لم شمل العائلة باذن الله ولكن أمرك سيدتى . مارى: أتمنى ذلك وأرجو أن تدعى لى بسلامة أنطونيو وأنا. .تريز: لم أتركك أبداً سيدتى سأبقى معك وسأذهب معك مهما كلفنى اﻷمر
.مارى: هذا لن يحدث أبداً يجب أن تكونى مع جيوفانى إن حدث لى مكروه ولمحوكى معى هذا سيكلفِك حياتِك . أنتِ أيضاً عندها ستكونين شاهد عيان على جريمة قتل وقتها ستكونين أنتِ فى خطر وجيوفانى أيضاً سيكون وحيداً ….تريز: ولكن سيدتى .مارى: يجب أن أرحل اﻵن صلى ﻷجلى .تريز: الله معك إبنتى
تلفحت مارى بالملابس السوداء …. لا تدرى إن كانت تحمى جسدها من تسارع تساقط ثلوجاً فى ليل بارد أم أنها مدعوة …لحفلة تنكرية للتخفِ من اﻷعداء لا يظهر من ملامح وجهها إلا عيون لا تتحدث بالكثير إلا الرهبة والحذر…تنظر لها فلا تدرى إن كانت إمرأة جميلة ….أم رجلاً وسيماً هرعت مارى لهواء قاسى البرودة فى عز الليل كأيامها الأخيرة وهى لا تدرى إن كانت تشعر بالبرد نتيجه السقيع لخوفها مما ينتظرها .ها هى تتلفت كالسجين الهارب من سجنه … لتجد من يوصلها إلى بلدتها وجدت أخيراً من يقلها إلى …البلدة سائق عربة بحصان يقودها شاب وسيم الملامح متمرد الطباع
…خرج بخار الماء من فمها فظهر صوتها اﻷنثوى
.مارى: بنى
.نظر الشاب نظرة فاحصة أجاب بجفاء
.الشاب : ماذا تريدين؟ مارى:أنا ذاهبة للبلدة … هل تستطيع أن تقلنى لهناك؟؟ نظر الشاب لها بنظرات مشمئزة من رأسها إلى أسفل قدميها ثم قال كم ستعطينى ؟ . مارى: ثلاثون إسترلين .الشاب بتحدى : مائه وخمسون
عرفت مارى إنه يستغل الموقف حيث أنها سيدة وحيدة فى الطل وتحتاج من يقلها فثمن الركوبة بالكاد لا يتعدى . الخمسة إٍسترلين …ولكن ما تعانيه مارى من ضغط عصبى شديد أجبرها أن تتماشى مع الموقف بمرونة . ذاهبة مارى ﻷنطونيو وهى لاتدرك إلى أى مدى قد وصلت حالته إنه تغير لدرجة أنه قد سبح فى غيبوبة السكر
تأملت مارى المسكينه حالها أثناء طريقها إلى البلدة وتذكرت كيف أن تضحياتها من أجلهم جميعاً ذهبت كالرماد فى مهب الرياح العاتية تاركة القصر بالرغم عنها خسرت كل شىء لتحافظ على كل شىء ولا أحداً يعرف خبايا قصتها . إلا هى
تعيش المسكينه ولا تعلم أين إبنها جيمى ماذا يفعل بدون جده وكيف إستقبل الصدمة ؟؟ تحولت نظراتها الحذرة إلى .نظرات حزينة مرهقة ووجهاً كئيباً
حرمت من رؤيته أبيها للمرة اﻷخيرة حرمت من جلسة أخيرة حتى ولو على فراش موته فقط لتشرح له ما حدث ..حتى يموت بفخر فلا يشعر أنه قد أضاع عمره هبائاً مع إبنتة الفاجرة ..حرمت حتى من حضور .!!!!مراسم الدفن
.كانت تدرك المسكينه خطورة ما قد قررت فعلة للمسكين أنطونيو ولكن كانت تلك هى أفضل الحلول للحفاظ عليهم
.متحملة العبث بسمعتها وشرف عائلتها الكريمة فى سبيل الحصول على السلامة